سواها وأهواء النفوس شجون فخل فعولن فاعلاتن تقال في
أناس لهم فوق التراب شؤون
وإن شئت تأبيني فدعوة ساجد
لها بين أحناء الضلوع أنين(70)
6_ التمادي في الذنوب؛ اعتمادا على سعة رحمة الله: فمن الناس من يسرف في المعاصي، فإذا زجر، وليم على ذلك قال: إن الله غفور رحيم، كما قال أحدهم:
وكثر ما استطعت من الخطايا
إذا كان القدوم على كريم(71)
ولا ريب أن هذا الصنيع سفه، وجهل، وغرور؛ فرحمة الله قريب من المحسنين لا من المسيئين، المفرطين المعاندين، المصرين.
ثم إن الله_عز وجل_مع عفوه، وسعة رحمته_شديد العقاب، ولا يرد بأسه عن القوم المجرمين.
قال_تعالى_: [نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم (49) وأن عذابي هو العذاب الأليم] الحجر: 49.
تصل الذنوب إلى الذنوب وترتجي
درك الجنان بها وفوز العابد
ونسيت أن الله أخرج آدما
منها إلى الدنيا بذنب واحد(72)
قال أبو حامد الغزالي×في شأن من يذنب، وينتظر العفو عنه؛ اتكالا على فضل الله_تعالى_قال: =وهو كمن ينفق جميع أمواله، ويترك نفسه وعياله فقراء، منتظرا من فضل الله_تعالى_أن يرزقه العثور على كنز في أرض خربة؛ فإن إمكان العفو عن الذنب مثل هذا الإمكان، وهو مثل من يتوقع النهب من الظلمة في بلده وترك ذخائر أمواله في صحن داره، وقدر على دفنها فلم يفعل، وقال: انتظر من فضل الله_تعالى_أن يسلط غفلة أو عقوبة على الظالم الناهب؛ حتى لا يتفرغ إلى داري، أو إذا انتهى إلى داري مات على باب الدار؛ فإن الموت ممكن والغفلة ممكنة ! وقد حكي في الأسمار أن مثل ذلك وقع؛ فأنا أنتظر من فضل الله مثله.
فمنتظر هذا أمر ممكن، ولكنه في غاية الحماقة والجهل؛ إذ قد لا يمكن ولا يكون+(73).
ثم أين تعظيم الله في قلب هذا المتمادي؟ وأين الحياء منه_عز وجل_؟
قال مالك بن دينار÷: =رأيت عتبة الغلام وهو في يوم شديد الحر، وهو يرشح عرقا، فقلت له: ما الذي أوقفك في هذا الموضع؟
صفحة ٢٥