توالي التأنيس بمعالي ابن إدريس لابن حجر

ابن حجر العسقلاني ت. 852 هجري
132

توالي التأنيس بمعالي ابن إدريس لابن حجر

تصانيف

ذكر ما نقل عنه من الأخلاق الجميلة من حسن الأدب والسخاء

والنصح والعبادة ونحو ذلك سوى ما تقدم:

قال الحافظ أبو بكر أحمد بن هارون البرديجي ثنا أحمد بن عباد سمعت حرملة يقول: سمعت الشافعي يقول -وذكر له أصحاب الحديث وأنهم لا يستعملون الأدب- فقال: ما أعلم أني أخذت شيئا من الحديث أو القرآن أو النحو أو غير ذلك من الأشياء مما كنت أستفيده إلا استعملت فيه الأدب، وكان ذلك طبعي إلى أن قدمت المدينة فرأيت من مالك ما رأيت من هيبته وإجلاله العلم فازددت من ذلك، حتى ربما كنت أكون في مجلسه فأصفح الورقة تصفحا رفيقا، هيبة له لئلا يسمع رفعها.

وأخرج ابن عدي من طريق أحمد بن صالح المصري قال: قال لي الشافعي: تعبد من قبل أن ترأس فإنك إن ترأس لا تقدر أن تتعبد.

وقال ابن أبي حاتم: سمعت الربيع يقول: سمعت الشافعي يقول: ما شبعت منذ ست عشرة سنة إلا شبعة واحدة ثم اطرحتها.

وأخرج البيهقي من طريق الحارث بن سريج قال: دخلت مع الشافعي على خادم للرشيد وهو في بيت قد فرش بالديباج، فلما رآه رجع وقال: لا يحل افتراش هذا، فعدل به إلى بيت قد فرش بالأرمني، فقال له الشافعي: هذا أحسن من ذاك، وهذا حلال وذاك حرام وهذا أغلى ثمنا.

وأخرج ابن أبي حاتم وغنجار كلاهما عن أبي ثور قال: أراد الشافعي الخروج إلى مكة ومعه مال، فقلت له: لو اشتريت به ضيعة لولدك، وكان قل أن يمسك شيئا من سماحته، فخرج ثم قدم فسألته فقال: لم أجد بمكة ضيعة يمكنني شراؤها لمعرفتي بأصلها، ولكني بنيت بمنى مضربا يكون لأصحابنا إذا حجوا نزلوا فيه، زاد غنجار، قال أبو ثور: فرآني كأنني اهتممت بذلك فأنشد:

صفحة ١٥٤