رسالة التوابع والزوابع

ابن شهيد ت. 426 هجري
19

رسالة التوابع والزوابع

محقق

بطرس البستاني

الناشر

دار صادر للطباعة والنشر

رقم الإصدار

الثانية

سنة النشر

١٤١٦ هـ - ١٩٩٦ م

مكان النشر

بيروت - لبنان

وحانات، حتى انتهينا إلى ديرٍ عظيمٍ تَعبق روائحه، وتَصوكُ نوافِحه. فوقف زهير ببابه وصاح: سلامٌ على أهل دير حَنّة! فقلتُ لزهير: أوَهل صِرنا بذات الأُكَيراج؟ قال: نعم. وأقبلتْ نحونا الرَّهابين، مُشدّدة بالزنانير، قد قبضتْ على العَكاكيز، بِيضَ الحواجب واللحى، إذا نظروا إلى المرء استحيا، مُكثِرين للتسبيح، عليهم هَدْيُ المسيح. فقالوا: أهلًا بكَ يا زهير من زائر، وبصاحبك أبي عامر! ما بُغيتُك؟ قال: حسين الدِّنان. قالوا: إنه لفي شُرب الخمرة، منذ أيام عشرة، وما نُراكما منتفعين به. فقال: وعلى ذلك. ونزلنا وجاؤوا بنا إلى بيتٍ قد اصطفّت دِنانه، وعكفتْ غِزلانُه، وفي فُرجته شيخٌ طويل الوجه والسَّبَلة، قد افترش أضغاث زَهر، واتّكأ على زِقّ خمر، وبيده طَرْجهارة، وحواليه صِبيةٌ كأظْبٍ تَعطو إلى عَرارة. فصاح به زهير: حيّاك الله أبا اٌلإحسان! فجاوب بجوابٍ لا يُعقل لغَلبة الخمر عليه. فقال لي زهير: اقرعْ أُذُن

1 / 101