تطريز رياض الصالحين
محقق
د. عبد العزيز بن عبد الله بن إبراهيم الزير آل حمد
الناشر
دار العاصمة للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٣ هـ - ٢٠٠٢ م
مكان النشر
الرياض
تصانيف
تَصْريحٌ بِأَنَّهُمْ خُلِقوا لِلعِبَادَةِ، فَحَقَّ عَلَيْهِمُ الاعْتِنَاءُ بِمَا خُلِقُوا لَهُ وَالإعْرَاضُ عَنْ حُظُوظِ الدُّنْيَا بالزَّهَادَةِ، فَإِنَّهَا دَارُ نَفَادٍ لا مَحَلُّ إخْلاَدٍ،
وَمَرْكَبُ عُبُورٍ لا مَنْزِلُ حُبُورٍ، ومَشْرَعُ انْفصَامٍ لا مَوْطِنُ دَوَامٍ، فلِهذا كَانَ الأَيْقَاظُ مِنْ أَهْلِهَا هُمُ الْعُبَّادُ، وَأعْقَلُ النَّاسِ فيهَا هُمُ الزُّهّادُ. قالَ اللهُ تعالى: ﴿إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآياتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ [يونس (٢٤)] . والآيات في هذا المعنى كثيرةٌ. ولقد أَحْسَنَ القَائِلُ:
إِنَّ للهِ عِبَادًا فُطَنَا ...؟؟؟ ... طَلَّقُوا الدُّنْيَا وخَافُوا الفِتَنَا ...؟؟؟
فَنَظَروا فيهَا فَلَمَّا عَلِمُوا ...؟؟؟؟ ... أَنَّهَا لَيْسَتْ لِحَيٍّ وَطَنَا ...؟؟؟؟
جَعَلُوها لُجَّةً واتَّخَذُوا ...؟ ... صَالِحَ الأَعمالِ فيها سُفُنا ...؟؟؟
فإذا كَانَ حالُها ما وصَفْتُهُ، وحالُنَا وَمَا خُلِقْنَا لَهُ مَا قَدَّمْتُهُ؛ فَحَقٌّ عَلَى الْمُكلَّفِ أَنْ يَذْهَبَ بنفسِهِ مَذْهَبَ الأَخْيارِ، وَيَسلُكَ مَسْلَكَ أُولي النُّهَى وَالأَبْصَارِ، وَيَتَأهَّبَ لِمَا أشَرْتُ إليهِ، وَيَهْتَمَّ بمَا نَبَّهتُ عليهِ. وأَصْوَبُ طريقٍ لهُ في ذَلِكَ، وَأَرشَدُ مَا يَسْلُكُهُ مِنَ المسَالِكِ، التَّأَدُّبُ بمَا صَحَّ عَنْ نَبِيِّنَا سَيِّدِ الأَوَّلينَ والآخرينَ، وَأَكْرَمِ السَّابقينَ واللاحِقينَ، صَلَواتُ اللهِ وسَلامُهُ عَلَيهِ وَعَلى سَائِرِ النَّبيِّينَ. وقدْ قالَ اللهُ تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى﴾ [المائدة (٢)] وقد صَحَّ عَنْ رسولِ الله ﷺ أَنَّهُ قالَ: ... «واللهُ في عَوْنِ العَبْدِ مَا كَانَ العَبْدُ في عَوْنِ أَخِيهِ»، وَأَنَّهُ قالَ: «مَنْ دَلَّ عَلَى خَيْرٍ فَلَهُ مِثْلُ أجْرِ فَاعِلِهِ» . وأَنَّهُ قالَ: «مَنْ دَعَا إِلى هُدىً كَانَ لَهُ
مِنَ الأَجرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ لا يَنْقُصُ ذلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيئًا»، وأَنَّهُ قالَ لِعَليٍّ ﵁: «فَوَاللهِ لأَنْ يَهْدِي اللهُ بِكَ رَجُلًا وَاحِدًا خَيْرٌ لَكَ مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ» .
1 / 7