قال: الخطر عظيم والرأي سقيم، ولابد من مشاورة ومناظرة، فإذا صح الرأي أنفذت العزيمة، وأنا مواقع هذا المصر؛ وأومأ بيده إلى الكوفة؛ فإنه محل شيعتنا ومجمع أنصارنا، فمناظرهم فيما دعوتني إليه، وعارض عليهم ماندبتني له، ثم يأتيك رأيي بالتقدم أو التأخر، فتعمل على قدر ما يأتيك منه إن شاء الله.
[41] [وحدثنا أبو العباس الحسني قال: حدثنا أبو زيد العلوي عن أبي جعفر أحمد بن الحسين الكوفي عن] نصر بن مزاحم قال: حدثني الحسن بن محمد السلمي، قال:خرجت مع عمي حاجا سنة ثمان وتسعين ومائة، فلما صرنا بالمدينة تطوف عمي بمنازل الطالبيين منزلا منزلا ليسلم عليهم، ويقضي من حقوقهم، وحق من حضر المدينة، فلما صار إلى منزل محمد بن إبراهيم وقضى حق السلام عليه قال: إلى كم يا بن رسول الله نوطئ الخسف ونركب بالعسف، إلى كم تغضون أبصار شيعتكم، أما والله لقد تركت بالكوفة سيوفا حدادا، وسواعدا شدادا، وأنفسا معلقة بكم، وقلوبا نازعة إليكم، وما بقي إلا قدومكم حتى يقضي الله إحدى الحسنيين إما بفتح عاجل أو بموت مفرج.
قال: فتبسم ثم قال: يرحمك الله أنا على التقدير قبل التدبير، والتفكر قبل العمل، إن أصحابك قول بلاعمل، وإقدام بلاروية، وقيل «له: إن» بالباب قوم من الكوفة، فأمسك عن الكلام وأذن لهم فدخلوا، فعرفت عامتهم، فسلموا عليه ورحب بهم، وأكب بعضهم على عمي يساره بشيء لا أدري ماهو.
قال: فأومأ إلي أن اخرج، فخرجت إلى صحن الدار، فلم أزل أسمع الصوت يرتفع تارة وينخفض أخرى حتى خرجوا فخرجت معهم، ومضينا إلى مكة فقضينا حجنا ومناسكنا، ثم قدمنا إلى الكوفة، فلم نزل معه نلي خدمته في حله وترحاله حتى وافاها، وأقام بها أياما يكتم أمره ويخفي قدومه، وكان رئيس الرؤساء؛ يختلفون إليه يسألونه الخروج بهم، وأخذ البيعة، وهو يقدم ويؤخر في إجابتهم، وكان يخرج سرا فيطوف في سكك الكوفة.
صفحة ٤٦٢