تتمة المصابيح

علي بن بلال ت. 450 هجري
161

تتمة المصابيح

تصانيف

فلما أصبح الناس قصدوا بأجمعهم باب المرتضى فكثر جمعهم وامتلأت المحال والأسواق والطرق والمساجد منهم، فخرج إليهم المرتضى عليه السلام وعليه السكينة والوقار وسيماء الأئمة الأبرار، فلما بصر الناس به ووقعت أعينهم عليه ارتفعت أصواتهم وأجهشوا بالبكاء ودعوا بالويل والثبور، فسكن منهم المرتضى فلما سكتوا وسكنت أصواتهم، قال: جزاكم الله من أهل محبة وولاية خيرا، ونعم الإمام كان لكم الهادي رضي الله عنه الناصح لكم الحدب عليكم، كان والله حريصا على إرشادكم طالبا لصلاحكم «مؤثرا لكم»، حاملا لكم على ما فيه نجاتكم، داعيا لكم إلى ما يقربكم إلى الله، زاجرا لكم عما يبعدكم منه، حاكما فيكم بالعدل والقسط، لا تأخذه في الله لومة لائم، ولا عذل عاذل، على مثله فليكثر البكاء والأحزان، والندم والحسرة والأشجان، ولكن المرجع إلى الله عز وجل في جميع الأحوال، والعمل بالتوبة والدعاء إليها والحث عليها أولى بنا وبكم، ولنا ولكم فيما نزل بنا من الأمر العظيم وحل بساحتنا من الفادح الجسيم أسوة برسول الله وبالأئمة الماضين من عترته صلوات الله عليهم فإنا لله وإنا إليه راجعون، رضاء بقضائه وتسليما لأمره، والموت سبيل الأولين وطريق الآخرين، وبذلك حكم على عباده رب العالمين، وحتى يرث الله الأرض ومن عليها وهو تبارك وتعالى خير الوارثين، ثم بكى بكاء شديدا وأنشأ يقول:

يسهل ما ألقى من الوجد أنني .... مجاوره في داره اليوم أو غد

وارتج البلد بالبكاء، وتكلم كل واحد منهم بمبلغ رأيه وعلمه.

صفحة ٥٣١