ومن خصائصه عليه السلام أنه توفي وهو ابن إحدى وثمانين سنة، وهو صحيح الحواس كلها ما سقط له سن قط، ولا ظهرت فيه علامة من علامات (الكبر و)(1) الشيخوخة، ولا أمارة من امارات الهرم في وجهه وسمعه وبصره وجميع جسده وقوته.
وكان الفقيه شرف الدين الحسن بن محمد النحوي رحمه الله يتعجب من بياض لحيته، وسواد حاجبيه، ويقول: هذه كرامة لهذا الإمام عليه السلام لم توجد(2) في غيره.
وكان -عليه السلام- كثير الزهد في الدنيا وحبب إليه ما حبب إلى جده صلى الله عليه وآله وسلم في الدنيا: النساء والطيب، وكان كثير العبادة، والصيام، ويقتات الشعير، و[كان](3) يقول: الحنطة طعام المترفهين(4)، وهو -عليه السلام- ممن برز في جميع الفنون علىأشكاله وأمثاله.
مصنفاته عليه السلام:
وصنف في جميع العلوم التصانيف المفيدة الغريبة، وذلك ظاهر، غير مفتقر إلى البيان، ويكفيك عن الخبر العيان، وهو -عليه السلام- أعظم من يفتخر به من العترة النبوية، بل الفرقة الزيدية، فاق علماء الأمصار بتصنيف ((الانتصار))،(5) فهو من المتأخرين وجودا، ومن السابقين الأولين علما وفضلا، حاز العلوم كلها أصولها وفروعها، حتى بلغت تصانيفه إلى مائة مجلد بخط يده المباركة(6)، وأوصافه الخارقة للعادة(7)، غنية عن التعداد، وأخلاقه النبوية، وشمائله العلوية، ذكرها يستدعى مجلد على(8) الانفراد، ولله در القائل:
إذا نحن حاولنا صفاتك لم تكن ... بلاغتنا إلا الفهاهة(9) والحصر
صفحة ٥٠