واستقرت يد عزالدين بن المنصور (بعد)(1) انتصابه [محتسبا](2) على جميع بلاد أبيه بعده، وأعانه علماء الظاهر وغيرهم، وتقوت شوكته فقصد صنعاء، وكان يومئذ بها من الغز الملك المنصور، ولما قرب منها صف العدو جندهم(3) خارج مدينة صنعاء، وعبأ الأمير عزالدين بن المنصور جنوده، ومعه أخواه أحمد وعلي ابنا المنصور، وعمه عماد الدين يحيى بن حمزة، وبقي كل منهما منتظر التقدم، حتى قرب الليل وخاف أصحاب الأمير فوت الفريضة، فأجمع على الرجوع بمحطته، فلما أذن للناس بالانصراف، وبقي العز على تعبئتهم زحفوا بعدتهم وقربوا منهم، فصاح الأمير عزالدين بالرجوع، وقد (تفرق جنده)(4) فلم يجبه أحد، فثبت مكانه في أخوته، و(جماعة من)(5) أصحابه وكبار دولته، ودارت عليهم رحا الحرب وطعنوا بالرماح، ثم اضطربوا بالسيوف، وأبلى أولاد المنصور (بالله في)(6) ذلك اليوم بلاء شديدا(7)، ولم ينتظم للأمير(8) عزالدين جمع، ثم عاد إلى حصن ثلا، وأقام به شهرا ونصفا، ثم بدرته الحمى وتعلق بجسمه المرض، فأذن لأصحابه بالانصراف، وأقام أياما ثم سار(9) إلى حوث والعلة تزداد، وأخذ في وصاياه، وتنفيذ أموره ظاهرا، وباطنا، والدعاء لله تعالى، والاستغفار فكان يقول: اللهم إن كنت قبلت عملي فاقبض روحي إليك، فمات في تلك الليلة التي دعا فيها، وهي ليلة سابع عشر من ذي الحجة، سنة ثلاث وعشرين وستمائة، وحمل إلى ظفار بليلته، وكتم أمره شهرا حتى اجتمع أصحابه بأخيه إلى ظفار، إلا صنوه أحمد بن المنصور، فإنه أقام بصعدة شهرا أو أكثر لمرض كان معه.
صفحة ٣٥