Und Anfang glänzt an allen Bruchstellen unseres Misslingens (في البدء ومضت على كل الثغرات إشارات إخفاقنا).» دونت فاندا، ثم قرأتها لزابينة ثانية حتى تتأكد. «تبدو شاعرية، وطويلة نوعا ما على كلمة مرور أم ماذا ترين؟» «إنه بيت من قصيدة للشاعر ريلكه. خذي أول حرف من كل كلمة، وراعي الحروف التي تكتب كبيرة والأخرى الصغيرة، ثم أضيفي رقم 42. هذه هي كلمة المرور.»
كتبت فاندا:
UAgaaBuM42 .
ثم قالت: «يبدو وكأنه اسم حمض نووي مكتوب بشكل رديء. ولماذا اثنان وأربعون؟» «كان ينبغي أن تعرفي الإجابة بنفسك أيتها البربرية الكارهة للثقافة. إنها من كتاب «دليل الرحالة إلى المجرة»، فعند الرقم اثنين وأربعين يجيب الكمبيوتر على السؤال عن معنى الحياة.» «مممم، كم نقطة ينبغي أن يحققها المرء في اختبار الذكاء كي يفهم ذلك؟» «على الأقل اثنان وأربعون.» «وهذا ما يكفي لأستاذ مساعد، لكن رغم ذلك أشكرك على ثقتك.» «سأوضح لك الأمر مرة أخرى ونحن نحتسي البيرة المبردة ...» سمعتها فاندا، لكن سرعان ما تشتت انتباهها وشردت وهي تقف في مطبخها ذي الطلاء الأبيض الشاحب المعلق على منحدرات اللان المغطاة بالضباب. لم يكن هناك سوى طريق واحد يمكن فاندا من الوصول إلى بنك المعلومات الخاص بزابينة دون أن يلاحظ ذلك أي من العاملين في المعهد.
الفصل الثامن
تحريات ليلية
صعدت سيارة الأجرة الجماعية الشارع الواسع، بينما بدد ضوء كشافاتها الأمامية ستار الضباب المتكاثف فبدا كأشباح تتراقص. كانت فاندا الراكب الوحيد؛ ففي هذا الوقت المتأخر كانت الحافلة العامة قد توقفت عن صعود منحدرات اللان، ولهذا فقد طلبت فاندا سيارة أجرة أخرى للعودة. قالت ستكفيني ساعة للوصول إلى ما أريد. كانت تريد أن تحمل معلومات زابينة، ثم إن كان في الوقت متسع، أن تبحث في الإنترنت عن مراجع خاصة بأبحاثها؛ فالأماكن كلها كانت محجوزة في غرفة الكمبيوتر عصر اليوم، ولم يكن ثمة مدخل من مكتبها إلى كمبيوتر بنك المعلومات المركزي الخاص بالقسم، وبخلاف الرئيس لم يكن من الممكن إلا لتوماس فايلاند - بوصفه إداريا - الدخول إلى النظام. كادت فاندا أن تطلب مساعدته لكنها عدلت عن ذلك؛ إذ لم تكن تعرفه بما يكفي، علاوة على أنها لم تكن تريد أن تخلق مشاكل لمزيد من الناس. أفضل شيء ألا يعلم أحد بأمر تحرياتها الليلية. دست يدها في جيب سترتها، ومست الورقة المكتوبة عليها كلمة مرور زابينة، وكذلك المفتاحان الإلكترونيان اللذان سيسمحان لها بالدخول إلى ذلك الحصن الإلكتروني. «الأفضل أن تأخذي مفتاحي، فهذه المفاتيح الإلكترونية تخلف أثرا على الكمبيوتر المركزي مثلها مثل بصمات الأصابع. لا ينبغي أن يعلم أحد أنك تتشممين الأمور لصالحي. أما أنا فأستطيع أن أقول إني كنت أريد أن أمسح أشياء خاصة من على الكمبيوتر؛ لأنني أصلا لم يعد لدي وظيفة أخسرها.» أضافت الجملة الأخيرة بجفوة، ففي نهاية الأمر لم تكن تريد أن تصحب فاندا إلى هناك.
توقفت سيارة الأجرة عند محطة أوتوبيس هانز-ميرفاينشتراسيه. نزلت فاندا، وصعدت الدرجات العريضة. كان قرميد الشارع يضيء إضاءة خافتة. في مكان ما ترتفع في ضوء النهار المباني الأسمنتية لمعاهد العلوم الطبيعية، عماليق رمادية لا تجد لها مدخلا من فورك، وحين تجد طريقك فيها لا تستطيع أن تجد طريق الخروج بيسر. نظرت إلى ساعة يدها في ضوء أحد المصابيح، فوجدت عقاربها تشير إلى عشرين دقيقة قبل منتصف الليل. وقفت مباني الأبحاث القديمة في ظلام دامس. على الأقل هي لم تتبين أي ضوء من خلال الضباب. وبسرعة هبطت السلالم المؤدية إلى مركز الأبحاث الجديد. تلفتت سريعا حولها حين وصلت إلى المدخل. هل هناك شيء ما؟ ضيقت عينيها قليلا ونظرت في اتجاه موقف السيارات. ما هذا الهراء؟ فكرت وهزت رأسها، أشعر الآن وكأني لصة مقتحمة. دست يدها في جيب سترتها وأخرجت الزر الأملس المعلق في الميدالية المصنوعة من الجلد، إنه مفتاح زابينة الإلكتروني. صوبت فاندا المفتاح نحو جهاز الاستشعار في داخل المبنى وضغطت على زر الانطلاق. لم يحدث شيء. المفترض أن يعمل المفتاح الإلكتروني في الأحوال العادية مثل مفتاح السيارة الإلكتروني، إلا أن نظام تشغيله كان أكثر تعقيدا؛ ولهذا لم يكن الأمر لينجح من المرة الأولى، ينبغي توجيه المفتاح بدقة نحو الصندوق الصغير الحامل لجهاز الاستشعار. كررت يدها اليمنى الحركة المعتادة. أيضا لم يحدث شيء. كان المفترض أن تسمع تكتكة يصدرها المفتاح، ثم طنين الباب الزجاجي وهو ينفتح وكأن يد الأشباح فتحته. كذلك في المرة الثالثة لم ينفتح الباب. يا للشناعة! هل أصلا يمكن دخول المبنى ليلا؟ لم تكن فاندا تعرف لأنها لم تحضر قط في ساعة متأخرة كتلك. صحيح أنها كانت كثيرا ما تغادر المعمل في ساعة متأخرة، لكنها كانت تخرج دائما. جربت لمرة أخيرة، لكن في هذه المرة استخدمت مفتاحها هي، وارتاعت حين سمعت التكتكة ثم - افتح يا سمسم - فتح الباب أمامها مصدرا طنينه. دخلت إلى البهو المظلم لمركز الأبحاث، وانتظرت إلى أن انغلق الباب إلكترونيا من جديد. شعرت باضطراب في محيط معدتها. حاولت أن تهدئ من روعها قائلة لنفسها: «لا بأس إن كنت متوترة قليلا؛ فالتلصص ليس وظيفتي المعتادة. لكن من الغريب حقا ألا يفتح الباب بمفتاح زابينة.»
كان الضوء الشاحب المنبعث من المصباح الخارجي يخترق الدرف الزجاجية الكبيرة، ويسقط على الحوائط البيضاء في الرواق. لقد كان المكان هنا في الداخل أكثر إضاءة منه في الخارج. توهجت نقطة حمراء على الحائط المقابل مشيرة إلى مفتاح النور. ذهبت نحوها بدافع فطري أولا، ثم سحبت يدها قبل أن تضغط على المفتاح؛ إن ضغطة واحدة لكفيلة بجعل المدخل فالسلالم يسبحان في الإضاءة. مجرد التفكير في هذا الأمر جعلها تجفل. الآن لا يصح إشعال النور. ليس هنا في هذا المكان الذي يرى من بعيد. أستطيع أن أجد طريقي إلى القسم في الدور الثالث - في حالات الضرورة - مغمضة العينين من كثرة ما ذهبت إليه. على اليمين أضاءت مفاتيح تشغيل المصعد. ماذا لو علقت بالمصعد الآن؟ أمر مروع ومحرج في آن واحد، وفريسة طيبة للصحف المحلية. تخيلت عنوان الصحيفة: «ضبط عالمة متلبسة بجريمة سرقة بيانات.» من الممكن دائما أن تتحجج بأنها كانت تحتاج إلى مراجعة نتائج أبحاثها الخاصة. هدأت هذه الفكرة من روعها قليلا. كان الباب المؤدي إلى بئر السلم على اليمين وراء المصعد، وكان على فاندا أن تدفعه بكل ما أوتيت من قوة. تباطأ الباب الثقيل وكأنه حارس عنيد. انسلت من فرجة الباب ودخلت ثم انتظرت. كانت تقف في المنور المعتم، في مكان ما أمامها كانت تبدأ أولى درجات السلم. سرعان ما اعتادت عيناها الظلمة. أمسكت الدرابزين بيدها اليمنى، ومع كل عتبة تصلها تتلمس خطاها نحو العتبة التالية. وقفت أمام باب القسم، وتسارعت أنفاسها. كان الرواق الذي يلي الباب الزجاجي شديد الظلمة، ولم يكن ثمة إشارة إلى وجود أي أحد في وردية ليلية.
ومض الضوء الأحمر الخاص بمفتاح الباب إلى جوار المدخل كعلامة تحذيرية، لكنه سرعان ما تحول إلى اللون الأخضر بمجرد أن صوبت نحوه مفتاحها الإلكتروني. أطلق القفل صريرا خفيفا فتموج الباب منفتحا ومرحبا وكأنه في انتظارها من مدة. وقفت فاندا على بداية الممر ونظرت في السواد الذي يشبه النفق. اخترقت أنفها رائحة سكرية ثقيلة، كانت مزيجا من رائحة باركيه الأرضية المركب حديثا مع روائح وسائط مزارع الخلايا. وقع وراءها مفتاح القسم. بحثت بيديها في سترتها عن هاتفها المحمول، فوجدت ملمسه باردا لكنه مألوف. ثم أضاء المكان؛ إذ كانت قد ضغطت أصابعها بعفوية على مفتاح النور المجاور للباب. صارت الطرقة الآن مضاءة حتى منتصفها، أما نهايتها فلفها ضوء شاحب. تراقصت لمبة نيون، وارتعشت كأنها سحلية محتجزة.
صفحة غير معروفة