تطهير الاعتقاد من أدران الإلحاد
محقق
عبد المحسن بن حمد العباد البدر
الناشر
مطبعة سفير،الرياض
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٤هـ
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
فإن قلتَ: يَلزمُ مِن هذا أنَّ الأمَّة قد اجتمعت على ضلالة، حيث سكتت عن إنكارِها لأعظم جهالة.
قلتُ: حقيقةُ الإجماع اتفاقُ مجتهدي أمَّة محمد ﷺ على أمر بعد عصره، وفقهاءُ المذاهب الأربعة يُحيلون الاجتهاد من بعد الأربعة١، وإن كان هذا قولًا باطلًا وكلامًا لا يقوله إلاَّ مَن كان للحقائق جاهلًا، فعلى زعمهم لا إجماع أبدًا مِن بعد الأئمة الأربعة، فلا يرد السؤال؛ فإنَّ هذا الابتداعَ والفتنةَ بالقبور لم يكن على عهد أئمَّة المذاهب الأربعة، وعلى ما نحققه فالإجماع وقوعه محال.
فإنَّ الأمَّة المحمدية قد ملأت الآفاق، وصارت في كلِّ أرض وتحت كلِّ نجم، فعلماؤُها المحقِّقون لا ينحصرون، ولا يَتِمُّ لأحد معرفة أحوالهم، فمَن ادَّعى الإجماعَ بعد انتشار الدِّين وكثرة علماء المسلمين فإنَّها دعوى كاذبة، كما قاله أئمَّة التحقيق٢.
_________
١ إحالة الاجتهاد من بعد الأئمة الأربعة ليس إلاَّ قول بعض المنتسبين إلى هذه المذاهب من المتأخرين، وقد اعتبر السيوطي ذلك القول منهم جهلًا، وألَّف في الردِّ عليه كتاب (الرد على من أخلد إلى الأرض وجهل أنَّ الاجتهاد في كلِّ عصر فرض)، وقد سرد نصوصَ فقهاء المذاهب الأربعة المعتبرين على خلاف ما ذكره الصنعاني هنا (إسماعيل) .
٢ إذا كان مراد المصنف نفي الإجماع مطلقًا ففيه نظر؛ فإنَّه هو نفسه ينقل في سبل السلام إجماع العلماء ولا يعترض عليه، كما في شرحه لحديث أبي أمامة (١/٢٤): "إنَّ الماء لا ينجسه شيء إلاَّ ما غلب على ريحه وطعمه ولونه"، بل إنَّه يحكي الإجماع كما في شرح حديث علي بن طلق: "إذا فسا أحدكم في الصلاة فلينصرف، وليتوضَّأ وليُعد الصلاة"، قال في شرحه (١/٢٠٢): "والحديث دليل على أنَّ الفساء ناقض للوضوء، وهو مجمع عليه".
1 / 80