والوحدة على ما قد علمه الناس، ثم دعاهم الى ما يكرهون، وأخذهم بكل شدة، وفرض عليهم الامور الغليظة الصعبة على ما تقدم من شرح ذلك، فعلمت وتيقنت/ أنه نور الله ومن قبل الله.
فإن قيل: أو ليس قد اباحهم الغنائم، فما تنكرون ان تكون اجابتهم له لهذه العلة؟ قيل له: هذا لا يسأل عنه من يعقل ولا من يفكر لأن القوم قد اعتقدوا صدقه ونبوته فكانت إجابتهم له لهذا وعلى هذا القربى الى الله عن رضى بذلك، فمن ادعى غير هذا فقد أنكر المعلوم، او يكون لم يسمع الاخبار. فهم إنما أجابوه على ان ينفقوا أموالهم ويسفكوا دماءهم ويقتلوا آباءهم وأبناءهم في طاعته ولأجله، فكيف يسوغ لعاقل فكّر وتدبّر ان يقول إنما اجابوه طلبا للدنيا ورغبة في الراحة والدعة والأمر بالضد من ذلك. وبعد فان لم يكن تبعوه «١» إلا للغارة وللغنائم لكانوا يقولون له: حاجتنا اليك في الغارة والغنائم ونحن أعلم بها منك، وهي صناعتنا نحن وعادتنا، وما الذي يدعونا الى اتباعك وما معك وما تبعك إلا ان تبعثنا على الغارة والغنائم؟ أمن أجل سعة أموالك وكثرة كنوزك ومروج خيولك واصطبلات دولك؟ أم لخزائن سلاحك. ومن أخذنا بأن نكفر آباءنا ونشهد بضلالهم ونسخف أجلاءهم، ونسوء اختيارهم، ونعادي الأمم وجبابرة الملوك، ونسفك دماءنا في طاعتك، ونقتل كل من عاداك وخالفك وإن كانوا آباءنا وأبناءنا أو إخواننا، ونفارق اوطاننا وأزواجنا، ونهجر اللذات من شرب الخمور ولبس الحرير وشفاء الغيظ بقتل/ من سبّنا أو عاب آباءنا كعاداتنا في ذلك، ثم لا نحصل إلا على شيء اذا غنمناه بقوتنا وغلبنا عليه بأسيافنا بعد المخاطرة بدمائنا
_________
(١) في الأصل، تبعه
1 / 11