170

تثبيت دلائل النبو

الناشر

دار المصطفى-شبرا

رقم الإصدار

-

مكان النشر

القاهرة

الرهبان والعامة عليهم في كل مكان، لا يظهرون بكتاب طب ولا هندسة إلا أحرق وبادر على من كان على رأي الفلاسفة فتبرأ منهم، وأعان عليهم، وانبسطت أمه هيلانة في ذلك، وبسطت الرهبان والنصارى/ واستعدتهم «١» من كل مكان فجعلتهم اصحاب اخبار لابنها وأعوانا، واستظهرت بهم، واظهر هو تعظيم المسيح والصليب، وأقام ديانات الروم على حالها كما كانت من الصلاة الى المشرق وغيرها مما تقدم ذكره، فما أزال إلا عبادة الكواكب وما زاد إلا تعظيم المسيح والقول بربوبيته، وتعظيم الصليب. ولم يكن هذا بالبعيد عن الروم لأن من اعتقد في الكواكب وهي جماد موات أنها أرباب وتنفع وتضر لم يبعد عنهم ان يقولوا في انسان حي عاقل مميز قد قيل لهم انه كان يحيي الموتى، وانه إله، وانه وابوه وزوجته خلقوا الكواكب. وكان هذا سهلا على اهل المغرب، ألا ترى ان القبط ومن بمصر كانوا يعتقدون إلهية فرعون وانه لا إله لهم غيره. وسار قسطنطينوس هذا الى الجزيرة فقصد حرّان وأعمالها وكانوا في تعظيم الكواكب أشدّ مما كان بأثينية وبلاد الروم، فوضع فيهم السيف حتى أبادهم، وهرب من هرب منهم في الجبال فطلبهم بنفسه، وكانوا يعيبون البرص فكان له فيهم فضل حرص، فقال له قواده: لا تبعث في طلبهم فان الثلج الذي في هذه الجبال سيهلكهم، فان بقيت منهم بقية جعلناهم حجامين للروم وجميع النصارى واصحاب الصوامع والرهبان ليعرف منهم حقيقة النصرانية وما ينبغي ان يقرر مما يؤخذ الناس به فلا يتجاوزونهم، وان من تجاوزه قتل. فاجتمع عنده نحو ألفين من رؤسائهم وقرّر أشياء

(١) استعداه: استغاثه. انظر القاموس المحيط.

1 / 162