161

تثبيت دلائل النبو

الناشر

دار المصطفى-شبرا

رقم الإصدار

-

مكان النشر

القاهرة

فوقع بينهم الخلاف الشديد. وعادوا اولئك الى الروم وقالوا لهم: أعدونا «١» على اصحابنا هؤلاء قبل اليهود، وخذوا لنا منهم كتابنا، فاستتر اولئك من الروم وفروا في البلاد. فكتب الروم فيهم الى عمالهم بنواحي الموصل وبجزيرة العرب. فطلبوا، فوقع منهم قوم فأحرقوا وقوم فقتلوا، واجتمع الذين أجابوا الروم وتشاوروا فيما يعتاضون عن الانجيل إذ قد فاتهم، فتقرر رأيهم على أن ينشئو انجيلا. وقالوا إنما التوراة موالد الانبياء وتواريخ اعمارهم فنبني الانجيل على ذلك، ويذكر كل واحد منا ما حفظه من ألفاظ الانجيل ومما تحدث به النصارى عن المسيح. فكتب قوم انجيلا. ثم أتى من بعدهم قوم وكتبوا انجيلا، وكتبوا عدة أناجيل، وسقط عنهم الكثير مما في الأصل. وكان فيهم الواحد بعد الواحد ممن يعرف امورا كثيرة في الانجيل الصحيح فأمسكوا عنها لتتم رئاستهم، ولم يكن في ذاك ذكر الصليب ولا الصلبوت، وهم يزعمون انها كانت ثمانين انجيلا، فلم تزل تقل وتختصر حتى بقي منها اربعة اناجيل لأربعة نفر عمل كل واحد في عصره انجيلا، وجاء من بعده فرآه مقصرا فعمل انجيلا هو عنده أصح من انجيل غيره واقرب الى الصحة. ثم ليس فيها انجيل بلغة المسيح التي كان يتكلم بها هو وأصحابه وهي العبرانية لغة ابراهيم الخليل وسائر الأنبياء، بها تكلموا وبها نزلت كتب الله على هؤلاء وغيرهم من بني اسرائيل، وبها خاطبهم الله، فتركها هؤلاء. وقد قالت العلماء لهم: عدو لكم معشر النصارى عن اللغة العبرانية وهي لغة المسيح والأنبياء قبله ﵈/ الى صائر اللغات حتى

(١) هكذا في الاصل، لعلها: ساعدونا

1 / 153