ويرى في الثانية بهرام جور يصيد الأسد. والصورتان تكفيان للدلالة على إتقان لمزج الألوان ليس بعده إتقان، وعلى مراقبة دقيقة للطبيعة ومراعاة لأصولها، مع براعة فائقة في رسم الوجوه الآدمية والحيوانات ولا سيما الخيل. وفي المخطوط نفسه صورة أخرى تمثل عجوزا تطلب إلى السلطان سنجر أن ينظر في مظلمة لها. وحيوانات هذه الصورة وغير ذلك من تفاصيلها تجعلنا نوافق الأستاذ ساكسيان في نسبتها إلى سلطان محمد.
12
على أننا لا نعرف كثيرا عن حياة هذا المصور، ولا سيما بعد أن أثبت ساكسيان خطأ ما كتبه عنه مارتن،
13
ومهما يكن من شيء فإن صوره التي وصلت إلينا كفيلة بأن تقول الشيء الكثير.
ولعل أبدع ما صوره سلطان محمد، وأكثره حركة، وأخفه روحا، وأكثره دعابة، صورة في مخطوط من ديوان حافظ تمثل منظر شراب تدار فيه كؤوس الراح فيشرب أناس ويرقص آخرون، ويتدحرج البعض على الأرض، ويترنح من أسكرتهم الخمر، وينظر شيخ في مرآة في يده، ويشترك الملائكة في الشراب من شرفة تطل على الباقين، بينما يطرب الجميع موسيقيون بينهم ثلاثة وجوههم أشبه شيء بوجوه القردة. وفي طرف الصورة حديقة تطل عليها شرفة وقف فيها رجل في يده حبل طويل يتدلى إلى ساق يربط له فيه إبريق من الخمر.
14
ومما ينسب إلى سلطان محمد صور الشاهنامة الشهيرة الموجودة الآن بمجموعة البارون دي روتشيلد، والتي تشمل 256 صورة كبيرة فيها كثير من مناظر القتال والصيد.
ويلوح لنا أن سلطان محمد تولى حينا من الزمن إدارة مدرسة التصوير أو مجمع الفنون الجميلة في تبريز، وأنه عني ببقية الفنون الزخرفية فكان يرسم تصميمات السجاجيد والخزف، ويظهر تأثير طرازه وصناعته في الرسوم الآدمية التي نراها على الأقمشة الحريرية الفارسية في القرن العاشر (السادس عشر).
وممن اشتهر من المصورين في بلاط الشاه طهماسب مظفر علي، الذي وصل إلينا من أعماله صورتان في مكتبة لينينجراد، والذي رسم في مخطوط المتحف البريطاني السالف الذكر صورة تمثل بهرام جور يثبت بسهم واحد أذن حمار وحش بقدمه، ليثبت لحبيبته (أزادة) براعته في الصيد. وكان مظفر علي تلميذا لبهزاد، وامتاز ببراعته في رقم صور الأشخاص، وبحبه للون الذهبي في تصويره، وتولى عمل الصور اللازمة للقصر الملكي ولقاعة چهل ستون في أصفهان.
صفحة غير معروفة