هذا ولا ريب في أن المدة التي حكمها السلاجقة منذ دخولهم بغداد إلى وفاة السلطان سنجر سنة 552ه/1157م تعتبر من أزهى عصور الفن الفارسي، وممن أنجبهم العصر السلجوقي الإمام الغزالي وعمر الخيام.
دولة ملوك خوارزم 470-617ه/1077-1220م
أول أمرها أن أنوشتكين الذي كان عاملا على خوارزم من قبل السلطان السلجوقي ملكشاه مات، فخلفه ابنه وأراد أن يشق عصا الطاعة فطرده السلطان سنجر من خوارزم، ولكنه أفلح في العودة إلى هذا الإقليم وأخذ هو وخلفاؤه يبسطون نفوذهم في إيران، ثم انحازوا إلى المذهب الشيعي، وعقدوا العزم على القضاء على الخلافة العباسية لو لم يداهمهم جنكيز خان بجنوده المغول، وقد ظهر في عصر هذه الأسرة كثير من أدباء الفرس وشعرائهم، كنظامي وعطار.
المغول 656-736ه/1258-1336م
غزا المغول بأمر جنكيز خان بلاد ما وراء النهر وشرقي إيران سنة 618ه/1221م ودمروا كثيرا من المدن التي مروا بها، وكان ذلك من أكبر الكوارث في تاريخ إيران.
ولكن الذي وطد قدم المغول في بلاد الفرس إنما هو هولاكو، الذي كان يحكمها في منتصف القرن السابع الهجري (الثالث عشر) من قبل أخيه الأكبر، والذي استولى على بغداد سنة 656ه/1258م وقتل المستعصم آخر خلفاء العباسيين، ثم أسس في فارس أسرة حكمتها حتى سنة 736ه/1336م هي الأسرة الإيلخانية، وكان احتكاك التتار بالحضارة الإيرانية مهذبا لهم؛ فكانت إدارتهم بعد هولاكو حازمة رشيدة تمتاز بالتسامح، وما لبثوا أن اعتنقوا الإسلام، وظلوا حريصين على الاتصال ببني عمومتهم من التتار البوذيين في الصين ، ومن ثم كان عصر هذه الأسرة يمتاز في إيران بالأثر الصيني في الفن وفي الحياة الاجتماعية.
وقد كان نمو النظام الإقطاعي في إيران سببا في القضاء على حكم خلفاء هولاكو، وظلت البلاد نحو خمسين عاما بعد سقوط هذه الأسرة مقسمة إلى دويلات محلية صغيرة، مثل الدولة المظفرية في فارس وكرمان 713-795ه/1313-1393م، ودولة الكرت في هراة، ودولة الجلائريين في العراق، وغيرها من الدويلات التي بقيت حتى قضى عليها تيمورلنك في نهاية القرن الثامن الهجري (الرابع عشر).
تيمورلنك وخلفاؤه 771-906ه/1369-1500م
ولد تيمورلنك في بلاد ما وراء النهر سنة 736ه/1335م من أسرة تركية عريقة في المجد، ولما وطد نفوذه في وطنه سار إلى إيران فهزم دويلاتها المختلفة ووحد السلطان فيها، ثم انطلق إلى روسيا وزحف إلى موسكو، وتحول بعد ذلك إلى الهند فتتابعت انتصاراته حتى احتل دهلي سنة 801ه/1398م، وما لبث أن أوقع بالسلطان العثماني بايزيد الهزيمة الكبرى عند أنقره سنة 804ه/1402م، وقد كان تيمورلنك مخربا في فتوحه متناهيا في القسوة والهمجية، ولكنه إن كان قد خرب شيراز ودهلي ودمشق وبغداد فإنما فعل ذلك ليجمل سمرقند عاصمة ملكه؛ حيث يوجد قبره الذي يعد من عجائب الفن الإسلامي.
وبعد وفاة تيمورلنك سنة 807ه/1405م دب النزاع بين ورثته، واستطاع أخيرا شاه رخ رابع أبنائه أن يرغم أقرباءه على الاعتراف به، فتربع على عرش إيران وبلاد ما وراء النهر، وجعل هراة عاصمته وجذب إليها طائفة كبيرة من الشعراء ورجال الفن؛ فازدهرت الآداب والفنون في عهده وفي عهد خلفائه.
صفحة غير معروفة