تسلية أهل المصائب
الناشر
دار الكتب العلمية
رقم الإصدار
الثانية
سنة النشر
١٤٢٦ هـ - ٢٠٠٥ م
مكان النشر
بيروت - لبنان
أضيع والله حي لا يموت؟ ! ثم سكت حتى دفن، فلما واروه في التراب، وقف على قبره ليسمعهم، فقال: رحمك الله يا ذر، ما علينا بعدك من خصاصة، وما بنا إلى أحد مع الله حاجة، وما يسرني أن أكون المقدم قلبك، ولولا هول المطلع لتمنيت أن أكون مكانك، ثم رفع رأسه، وقال اللهم قد وهبت حقي فيما بيني وبينه له، اللهم فهب حقك فيما بينك وبينه له.
وساق نحوًا من القصة الأولى، فبقي القوم متعجبين مما جاء منهم، ومما جاء منه من الرضا والتسليم.
وعن الحسن البصري ﵀ أن رجلًا جزع على ولده، وشكا ذلك إلى الحسن، فقال له: كان ابنك يغيب عنك؟ قال: نعم! كانت غيبته أكثر من حضوره؟ قال: نعم، قال فأنزله غائبًا، فإنه لم يغب عنك غيبة خير لك فيها نفعًا أعظم من هذه.
قال: يا أبا سعيد، هونت علي وجدي على ابني.
وعن سلمة، قال: لما مات ابن عمر بن عبد العزيز، كشف أبوه عن وجهه، وقال: رحمك الله يا بني، فقد سررت بك يوم بشرت بك، ولقد عمرت مسرورًا بك، وما أتت علي ساعة، أنا فيها أسر من ساعتي هذه، أما والله إن كنت لتدعو أباك إلى الجنة.
وقال أبو الفرج بن الجوزي: قال أبو الوفاء بن عقيل: مات ولدي عقيل وكان قد تفقه وناظر وجمع أدبًا حسنًا، فتعزيت بقصة عمرو بن عبد ود الذي قتله علي بن أبي طالب.
فقالت أمه ترثيه:
لو كان قاتل عمرو غير قاتله ...
... ما زلت أبكي عليه دائم الأبد
لكن قاتله من لا يقاد به ... من كان يدعى أبوه بيضة البلد
فأسلاها وعزاها جلالة القاتل.
فنظرت إلى قاتل ولدي الحكيم المالك، فهان القتل والمقتول لجلالة القاتل وعظمه.
1 / 81