تسلية أهل المصائب
الناشر
دار الكتب العلمية
رقم الإصدار
الثانية
سنة النشر
١٤٢٦ هـ - ٢٠٠٥ م
مكان النشر
بيروت - لبنان
ﷺ كان إذا أتاه أمر يسره، قال: الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، وإذا أتاه أمر يسوؤه قال: الحمد لله على كل حال» .
وقد تقدم في مسند الإمام أحمد «من حديث أبي موسى الأشعري، أن النبي ﷺ قال: إذا قبض الله ولد العبد، يقول الله لملائكته: أقبضتم ولد عبدي؟ فيقولون: نعم، فيقول: ماذا قال؟ فيقولون حمدك واسترجع، فيقول الله ﷿: ابنوا لعبدي بيتًا في الجنة، وسموه بيت الحمد» .
ومحمد نبينا ﷺ هو صاحب لواء الحمد، وأمته هم الحمادون، الذين يحمدون الله في السراء والضراء، والرضا.
والحمد على الرضا له مشهدان:
أحدهما - علم العبد، بأن الله سبحانه مستوجب لذلك، مستحق له لنفسه، أحسن كل شيء خلقه، وأتقن كل شيء، وهو العليم الحكيم.
الثاني - أن يعلم أن اختيار الله لعبده المؤمن خير من اختياره لنفسه، كما روى مسلم في صحيحه، «عن النبي ﷺ أنه قال: والذي نفسي بيده، لا يقضي الله للمؤمن قضاءً، إلا كان خيرًا، وليس ذلك إلا للمؤمن: إن أصابته سراء شكر، فكان خيرًا له، وإن أصابته ضراء صبر، فكان خيرًا له»، فأخبر ﷺ أن كل قضاء يقضيه الله للمؤمن الذي يصبر على البلاء ويشكر على الرخاء فهو خير له، كما قال تعالى: ﴿إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور﴾ .
فمن لا يصبر على البلاء، ولا يشكر على الرخاء، فلا يلزم أن يكون القضاء خيرًا له، ولهذا أجيب من أورد على هذا، بما يقضى على المؤمن من المعاصي، بجوابين:
أحدهما: أن هذا إنما يتناول ما أصاب العبد لا ما يفعله، كما في قوله تعالى: ﴿ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك﴾ وكقوله تعالى أيضًا: ﴿وبلوناهم بالحسنات والسيئات لعلهم يرجعون﴾ أي السراء والضراء.
الثاني - أن هذا في حق المؤمن الصابر
1 / 159