تسلية أهل المصائب
الناشر
دار الكتب العلمية
رقم الإصدار
الثانية
سنة النشر
١٤٢٦ هـ - ٢٠٠٥ م
مكان النشر
بيروت - لبنان
أشد فرحًا بما حبس.
وروى الإمام أحمد في كتاب الزهد، عن زياد ابن أبي حسان، أنه شهد عمر بن عبد العزيز - رحمة الله عليه - حين دفن ابنه عبد الملك، استوى قائمًا، وأحاط به الناس، فقال: والله يا بني، لقد كنت بارًا بأبيك، والله ما زلت منذ وهبك الله لي مسرورًا بك، ولا والله ما كنت قط أشد سرورًا، ولا أرجى لحظي من الله فيك، منذ وضعك الله في المنزل الذي صيرك إليه، فرحمك الله، وغفر لك ذنبك، وجزاك بأحسن عملك، ورحم كل شافع يشفع لك بخير شاهد وغائب، رضينا بقضاء الله، وسلمنا لأمره، والحمد لله رب العالمين.
ثم انصرف.
وقال سفيان الثوري: قال عمر بن عبد العزيز لابنه: كيف تجدك؟ قال: في الموت، قال: لأن تكون في ميزاني أحب إلي من أن أكون في ميزانك، فقال والله يا أبه، لأن يكون ما تحب أحب إلي من أن يكون ما أحب.
وروى الإمام أحمد في الزهد بإسناده، عن الحسن، قال: حدثني الأحوص، قال: دخلنا على ابن مسعود ﵁ وعنده بنون له ثلاثة، كأنهم الدنانير حسنًا، فجعلنا نتعجب من حسنهم، فقال لنا كأنكم يغبطونني بهم؟ قلنا: أي والله، لمثل هؤلاء يغبط المسلم، فرفع رأسه إلى سقف بيت له صغير، قد عشش فيه خطاف وباض، فقال: والذي نفسي بيده، لأن أكون نفضت يدي عن تراب قبورهم، أحب إلي من أن يسقط عش هذا الخطاف وينكسر بيضه.
وبإسناده عن علي بن أبي طالب ﵁ أنه قال يوم مات أبو بكر الصديق ﵁: رضينا عن الله قضاءه، وسلمنا له أمره، إنا لله وإنا إليه راجعون.
فصل - فيما سنه رسول الله ﷺ لأهل المصيبة وما نهى عنه
قد تقدم ما سنه رسول الله ﷺ لأهل المصيبة، وما نهى عنه، ومما سنه الخشوع، والبكاء الذي لا صوت معه، وحزن القلب، «وكان يفعل ذلك ويقول:
1 / 156