تسلية أهل المصائب
الناشر
دار الكتب العلمية
رقم الإصدار
الثانية
سنة النشر
١٤٢٦ هـ - ٢٠٠٥ م
مكان النشر
بيروت - لبنان
تعرفه - فقيل لها: إنه النبي ﷺ، فأتت باب النبي ﷺ، فلم تجد عنده بوابين، فقالت: لم أعرفك، فقال: إنما الصبر عند الصدمة الأولى» .
رواه البخاري ومسلم.
و«في رواية: تبكي على صبي لها.
فقال: إنما الصبر عند أول صدمة»، وهذا يشبه «قوله ﵊: ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب» فإن مفاجئة المصيبة بغته، لها روعة تزعزع القلب، وتزعجه بصدمها، فإن صبر للصدمة الأولى انكسرت حدتها، وضعفت قوتها، فهان عليه استدامه الصبر، كذلك الغضب.
«وعن أبي هريرة ﵁ أن رسول الله ﷺ، قال: يقول الله ﷿: ما لعبدي المؤمن عندي جزاء إذا قبضت صفيه من أهل الدنيا ثم احتسبه إلا الجنة» .
رواه البخاري.
«وعن عائشة ﵂ أنها سألت رسول الله ﷺ عن الطاعون، فأخبرها: أنه كان عذابًا يبعثه الله تعالى على من يشاء، فجعله الله رحمة للمؤمنين، فليس من عبد، يقع الطاعون، فيمكث في بلده صابرًا محتسبًا، يعلم أنه لا يصيبه إلا ما كتب الله له إلا كان له مثل أجر الشهيد» رواه البخاري، ورواه الإمام أحمد من حديث عائشة أيضًا بلفظه.
قال شيخ الإسلام ابن تميمة: الصبر على المصائب واجب باتفاق أئمة الدين، وإنما اختلفوا في وجوب الرضا.
انتهى كلامه.
فالصبر واجب من حيث الجملة، ولكنه يتأكد بحسب الأوقات فهو في زمن الطاعون آكد منه في غيره، فإنه إذا صبر على الإقامة في البلد الذي وقع فيه الطاعون، وصبر عند موت أولاده أو أقاربه أو أصحابه، وصبر أيضًا عند مصيبته بنفسه، وعلم يقينًا أن الآجال لا تقديم فيها ولا تأخير، وأن الله تعالى كتب الآجال في بطون الأمهات، كما ثبت في الصحاح: كتب رزقه وأجله، وشقي هو أم
1 / 133