تسلية أهل المصائب
الناشر
دار الكتب العلمية
رقم الإصدار
الثانية
سنة النشر
١٤٢٦ هـ - ٢٠٠٥ م
مكان النشر
بيروت - لبنان
المؤمنين، الله خير لك منها، وأنا أسأل الله أن لا يحزنك ولا يفتنك.
وقد روى مالك في الموطأ، عن يحيى بن سعيد، عن القاسم، قال: هلكت امرأة لي، فأتاني محمد بن كعب القرظي يعزيني بها، فقال: إنه كان في بني إسرائيل رجل فقيه عالم عابد مجتهد، وكانت له امرأة، وكان بها معجبًا، وكان لها محبًا، فماتت، فوجد عليها وجدًا شديدًا، وتأسف عليها تأسفًا شديدًا، حتى خلا في بيت، وأغلق على نفسه واحتجب، وإن امرأة سمعت به، فجاءته، فقالت: إن لي إليه حاجة أستفتيه فيها، ليس يجزيني إلا مشافهته، فذهب الناس ولزمت بابه.
وقالت: ما لي منه بد، فقال له قائل: إن ها هنا امراة أرادت أن تستفتيك.
قال: ائذنوا لها، فدخلت، فقالت: إني استعرت من جارة لي حليًا، وكنت ألبسه وأعيره، فلبث عندي زمانًا، ثم إنهم أرسلوا إلي فيه، أفأرده إليهم؟ قال: نعم، والإله، قالت: إنه مكث عندي زمانًا؟ ! قال: فذاك أحق لردك إياه إليهم، قالت: أفتتأسف على ما أعارك الله ثم أخذه منك، وهو أحق به منك؟ فأبصر ما هو فيه، ونفعه الله تعالى بقولها.
وعزى عمرو بن عبيد يونس بن عبيد، على ولد له مات، فقال: إن أباك كان أصلك، وإن ابنك كان فرعك، وإن امرءًا ذهب أصله وفرعه لحري أن يقل بقاؤه.
وعزى صالح المري رجلًا قد مات ولده، فقال: إن كانت مصيبتك أحدثت لك عظة في نفسك، فنعم المصيبة مصيبتك، وإن كانت لم تحدث لك عظة في نفسك، فمصيبتك بنفسك أعظم من مصيبتك بابنك.
وعزى رجل رجلًا، فقال: يا أخي، العاقل يصنع في أول يوم ما يفعله الجاهل بعد عام.
وعزى رجل رجلًا فقال: عليك بتقوى الله، والصبر فيه، فإنه يأخذ المحتسب وإليه يرجع الجازع.
وعزى رجل رجلًا فقال: إن من كان لك في الآخرة أجرًا، خير ممن كان
1 / 128