تأسيس التقديس في كشف تلبيس داود بن جرجيس
محقق
عبد السلام بن برجس العبد الكريم
الناشر
مؤسسة الرسالة
رقم الإصدار
الطبعة الأولى ١٤٢٢هـ
سنة النشر
٢٠٠١م
تصانيف
العقائد والملل
منصوب، لفظا أو محلا بفعل محدوف، فقولك يازيد، أي أدعوا زيدا. ومن أقسام المنادى المستغاث وهو كل من نودي ليخلص من شدة أو يعين على دفع مشقة كقول عمر ﵁ يالله للمسلمين، أي أدعوك للمسلمين.
فاتضح بطلان قول هذا في أن طلب المخلوق من المخلوق لا يسمى دعاءا بل نداءا، فهو يقول إن الطلب من الملائكة والمسيح وأمه وعزير والجن نداء لا دعاء، فما أدري ما يقول فيمن طلب من العزى ومناة واللات! فإن قال إن الطلب منها لا يسمى دعاءا بل هو نداء وأن النداء لا يضر عنده افتضح عند العامة والخاصة، وإن قال إنه يسمى دعاء. قيل له نقضت أصلك حيث جعلت الطلب من هذه الأوثان دعاءا ومن غيرها نداءا، فهذا شيء واحد جعلته بالنسبة إلى الأموات والغائبين والملائكة والمسيح وأمه وعزير والجن نداء، وبالنسبة إلى العزى وغيرها من الأوثان دعاء مع أنه يلزمه ألا يسميه دعاء إذا لم يسم مدعوه ربا وإلها لقوله إن الدعاء الذي هو عبادة فهو اتخاذ غير الله ربا وإلها.
إذا تبين بطلان قول هذا فالدعاء يكون أيضا أعم من النداء لأنه قد يكون بغير حرف نداء كقول نوح ﴿وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنْ الْخَاسِرِينَ﴾ [هود:٤٧] وقول بني اسرائيل: ﴿لَئِنْ لَمْ يَرْحَمْنَا رَبُّنَا وَيَغْفِرْ لَنَا لَنَكُونَنَّ مِنْ الْخَاسِرِينَ﴾ [الأعراف:١٤٩] . وقول السائل أشكوا إلى الله حاجتي أو ذنوبي، وأسأل الله كذا أو أعوذ به من كذا، وكل هذا يسمى دعاء، وسمى النبي ﷺ قول ذي النون: ﴿أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنْ الظَّالِمِينَ﴾ دعوة كما تقدم في الحديث، وفي الترمذي: ﴿كان أكثر دعاء النبي ﷺ يوم عرفة لاإله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير﴾ ١. وفي الصحيحين عن ابن عباس
_________
١ أخرجه الإمام أحمد في المسند "٢ / ٢٧٧" وهذا لفظ الإمام أحمد. وأما لفظ الترمذي: "خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك والحمد وهو على كل شيء قدير". أخرجه برقم ٣٥٨٥، وقال: هذا حديث غريب من هذا الوجه، وحمادي بن أبي حميدة هو محمد بن أبي حميد وهو أبو إبراهيم الأنصاري المدني وليس بالقوي عند أهل الحديث.
1 / 79