وأمَّا (اللَّهُمَّ) فلا خِلافَ - كما قالَه ابنُ السيِّدِ - أنَّ المرادَ به: يا اللهُ، وأنَّ الميمَ زائدةٌ، لَيْسَتْ بأصلٍ في الجملةِ. ثمَّ اخْتَلَفُوا بعدَ ذلكَ في هذه (الميمِ) على ثلاثةِ مذاهِبَ: فذَهَبَ سِيبَوَيْهِ والبَصْرِيُّونَ إلى أنَّهم زَادُوا (المِيمَ) في آخِرِهِ عِوَضًا عن حرفِ النداءِ؛ ولهذا لا يُجْمَعُ بينَهما؛ لِمَا فيه مِن الجمعِ بينَ العِوَضِ والمُعَوَّضِ.
وقالَ الكُوفِيُّونَ: (الميمُ) عِوَضٌ عن جملةٍ محذوفةٍ، والتقديرُ: يا اللهُ أُمَّنَا بخيرٍ؛ أي: اقْصِدْنَا، ثمَّ حُذِفَ للاختصارِ، ولكثرةِ الاستعمالِ وَرَدَ بعدمِ اطِّرَادِ هذا التقديرِ في أكثرِ المواضِعِ؛ قالَ تعالَى: ﴿وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾. ولو كانَتِ (الميمُ) عِوَضَ (أُمَّنَا) لَمَا احتاجَ الشرطُ إلى جوابٍ؛ لأنَّ الفعلَ يكونُ الجوابَ، وهو أُمَّنَا.
والثالثُ: أنَّ (الميمَ) زائدةٌ للتعظيمِ والتفخيمِ؛ لِدَلاَلَتِها على معنَى الجمعِ، كما زِيدَتْ في: زُرْقُمٍ؛ لِشِدَّةِ الزُّرْقَةِ، وابْنُمٍ في الابنِ، قالَ ابنُ السيِّدِ: وهذا غيرُ خارجٍ عن مذهَبِ سِيبَوَيْهِ؛ لأنَّه لا يَمْنَعُ أنْ تكونَ للتعظيمِ، وأنْ تكونَ عِوَضًا عن
1 / 102