تسهيل النظر وتعجيل الظفر في أخلاق الملك

الماوردي ت. 450 هجري
91

تسهيل النظر وتعجيل الظفر في أخلاق الملك

محقق

محي هلال السرحان وحسن الساعاتي

الناشر

دار النهضة العربية

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٠١ هجري

مكان النشر

بيروت

من يستودع السِّرّ وَاعْلَم أَن من الْأَسْرَار مَا لَا يسْتَغْنى فِيهَا عَن مطالعة خليط مساهم واستشارة نَاصح مسالم فليخترلها أَمينا فَإِن الركون إِلَى حسن الظَّن ذَرِيعَة إِلَى إفشاء السِّرّ وَأكْثر مَا يُؤْتى الْعَاقِل فِي أسراره من حسن ظَنّه واغتراره فَلَيْسَ كل من كَانَ على الْأَمْوَال أَمينا يجب أَن يكون على الْأَسْرَار مؤتمنا والعفة عَن الْأَمْوَال أيسر من الْعِفَّة عَن إذاعة الْأَسْرَار لِأَن الْإِنْسَان قد يذيع سر نَفسه بمبادرة لِسَانه وَسقط كَلَامه ويشح باليسير من مَاله ضنا بِهِ وحفظا لَهُ وَلَا يرى مَا أضاع من سره كَبِيرا فِي جنب مَا حفظه من يسير مَاله مَعَ عظم الضَّرَر الدَّاخِل عَلَيْهِ فَمن أجل ذَلِك كَأَن أُمَنَاء الْأَسْرَار أَشد تعذرا وَأَقل وجودا من أُمَنَاء الْأَمْوَال وَلذَلِك عِلَّتَانِ أَحدهمَا أَن الضَّرَر فِي إِضَاعَة الْأَمْوَال عَاجل وَالضَّرَر فِي إذاعة الْأَسْرَار آجل وَنَفس الْإِنْسَان موكلة بالأذى وَإِن حل مَا مضى وَالثَّانيَِة أَن السِّرّ سهل الْخُرُوج مَعَ البروز لَا يُوجد لإذاعته مس فَهُوَ ينْطَلق إِن لم يحفظه حزم وَلَا يَقْهَرهُ عزم وَالْمَال صَعب المنطلق وثيق الْمجمع لَا يَبْدُو إِلَّا بسماحة نفس يتقابل فِيهَا الشُّح والسخاء ويترجح فِيهَا الْمَنْع وَالعطَاء وَفرق بَين مَا هُوَ مبذول إِلَّا بمانع وَبَين مَا هُوَ مَمْنُوع إِلَّا بباذل

1 / 93