148

تسديد الإصابة فيما شجر بين الصحابة

الناشر

مكتبة المورد

رقم الإصدار

الثانية

سنة النشر

١٤٢٥ هـ

تصانيف

لِذَا نَجِدُ أكْثَرَ عُلَمَاءِ السَّلَفِ وأهْلَ العِلْمِ كَأبي حَنِيْفَةَ، ومَالِكٍ، وأحْمَدَ وغَيْرِهِم يَقُوْلُوْنَ: لم يُوْجَدْ شَرْطُ قِتَالِ الطَّائِفَةِ البَاغِيَةِ؛ فإنَّ اللهَ لم يَأمُرْ بِقِتَالِهَا ابْتِدَاءً؛ بَلْ أمَرَ إذا اقْتَتَلَتْ طَائِفَتَانِ أنْ يُصْلِحَ بَيْنَهُما، ثمَّ إنْ بَغَتْ إحْدَاهُمَا على الأخْرَى قُوْتِلَتِ الَّتِي تَبْغِي، وهَؤُلاءِ (عَسْكَرُ مُعَاوِيَةَ) قُوْتِلُوا ابْتِدَاءً قَبْلَ أنْ يَبْدَؤُوا بِقِتَالٍ، ولِهَذا كان القِتَالُ عِنْدَ مَالِكٍ، وأحْمَدَ وغَيْرِهِمَا: قِتَالَ فِتْنَةٍ (١).
* * *
ثَالِثًا: البُغَاةُ لا يَخْرُجُوْنَ عَنْ ثَلاثِ حَالاتٍ:
١ - أنْ يَكُوْنُوا مُتَأوِّلِيْنَ بِشُبْهَةٍ، وهُوَ ما عَلَيْهِ أهْلُ العِلْمِ والدِّيْنِ الَّذِيْنَ اجْتَهَدُوا، واعْتَقَدَ بَعْضُهُم حِلَّ أُمُوْرٍ، واعْتَقَدَ الآخَرُ تَحْرِيْمَها ... فَقَدْ جَرَى ذَلِكَ وأمْثَالُهُ مِنْ خِيَارِ السَّلَفِ، فَهَؤُلاءِ المُتَأوِّلُوْنَ المُجْتَهِدُوْنَ غَايَتُهُم أنَّهُم مُخْطِئُوْنَ، وقَدْ قَالَ تَعَالى: ﴿رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا﴾ [البقرة: ٢٨٦].

(١) انْظُرْ «مِنْهَاجَ السُّنةِ» لابنِ تَيْمِيَّةَ (٤/ ٣٩٠ - ٣٩١).

1 / 154