تسديد الإصابة فيما شجر بين الصحابة
الناشر
مكتبة المورد
رقم الإصدار
الثانية
سنة النشر
١٤٢٥ هـ
تصانيف
الثَّانِي: ذَهَبَ فَرِيْقٌ آخَرُ مِنْ أهْلِ العِلْمِ إلى أنَّ سَابَّ الصَّحَابَةِ لا يَكْفُرُ بِسَبِّهِم؛ بَلْ يَفْسُقُ ويُضَلَّلُ؛ بَلْ يَكْتَفِي بِتَأدِيْبِهِ وتَعْزِيْرِهِ تَعْزِيرًا شَدِيْدًا يَرْدَعُهُ ويَزْجُرُهُ حَتَّى يَرْجِعَ عَنْ ارْتِكَابِ ضَلالِهِ وجُرْمِهِ، وإنْ لم يَرْجِعْ تُكَرَّرُ عَلَيْهِ العُقُوْبَةُ حَتَّى يُظْهِرَ التَّوْبَةَ.
فَقَدْ رَوَى اللاَّلَكَائِيُّ عَنِ الحَارِثِ بْنِ عُتْبَةَ، قَالَ: «إنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ العَزِيْزِ أُتِيَ بِرَجُلٍ سَبَّ عُثْمَانَ، فَقَالَ: ما حَمَلَكَ على أنْ سَبَبْتَهُ؟ قَالَ: أُبْغِضُهُ، قَالَ: وإنْ أبْغَضْتَ رَجُلًا سَبَبْتَهُ؟ قَالَ: فأمَرَ بِهِ فَجُلِدَ ثَلاثِيْنَ سَوْطًا» (١).
وممَّنْ ذَهَبَ إلى ما ذَهَبَ إلَيْهِ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ العَزِيْزِ: عَاصِمُ الأحْوَلُ، والإمَامُ مَالِكُ، والإمَامُ أحْمَدُ وكَثِيْرٌ مِنَ العُلَمَاءِ (٢).
* * *
قُلْتُ: وبَعْدَ ذِكْرِ هَذِهِ الأقْوَالِ في حُكْمِ مَنْ سَبَّ الصَّحَابَةَ إلاَّ أنَّ في المَسْألَةِ تَفْصِيْلًا بِهِ يَنْحَلُّ الخِلافُ وتَجْتَمِعُ الأقْوَالُ إنْ شَاءَ اللهُ وَهُوَ أنَّ السَّبَّ نَوْعَانِ (دِيْنِيٌّ، ودُنْيَوِيٌّ):
(١) ذَكَرَهُ ابنُ تَيْمِيَّةَ في «الصَّارِمِ المَسْلُوْلِ» (٥٦٩).
(٢) انْظُرْ «الصَّارِمَ المَسْلُوْلَ» لابنِ تَيْمِيَّةَ (٥٦٨ - ٥٦٩)، و«الشِّفَاءَ» للقَاضِي عِيَاضٍ (٢/ ٢٦٧).
1 / 129