تسبيح ومناجاة وثناء على ملك الأرض والسماء
الناشر
دار الأندلس الخضراء للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢١ هـ - ٢٠٠٠ م
مكان النشر
جدة - المملكة العربية السعودية
تصانيف
تسْبّيحٌ ومُناجاةُ وثناءٌ
عَلَى مَلِكِ الأَرْضِ وَالسَّمَاءِ
تَأليْف
مُحَمَّد بن حَسَن بْن عَقيل مُوسَى الشَّريْف
دار الأندلس الخضراء
للنشر والتوزيع
صفحة غير معروفة
جَميْع الحقُوق محْفوظة
الطّبعَة الرابعة
١٤٢٥هـ - ٢٠٠٤ م
دار الأندلس الخضراء
المملكَة العَربيّة السُّعُوديَّة - جدَّة
الإدَارة: صَ بْ ٤٢٣٤٠ جدّة ٢١٥٤١
هاَتفْ: ٦٨١٠٥٧٧ - فاكسْ ٦٨١٠٥٧٨
المكتبات حَيّ السَّلاَمة - شَارع عبْد الْرحمنْ السّديري - مركز السَلامة التجاريْ
هاَتفْ - فاكسْ ٦٨٢٥٢٠٩
حيّ الثّغر - شَارع باخشبْ - سوق الجَامعَة التجاريْ
هَاتف: ٦٨١٥٠٢٧ - فاكسّ: ٦٨١٠٥٧٨
فرعّ الريَاضْ: حَيّ السّويْدي الغَربيْ - بجَوار أسَواقْ اليمامَة
هَاتفْ: ٤٣٣٣٧٣١ - فاكسْ ٤٣٣٣٦٥٧
http: //www. al-andalus-kh.com
E-MAIL: info @ al-andalus-kh.com
1 / 2
تسْبّيحٌ ومُناجاةُ وثناءٌ
عَلَى مَلِكِ الأَرْضِ وَالسَّمَاءِ
1 / 3
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
1 / 4
«هو الله الذي لا إله إلا هو، الرحمن، الرحيم، الملك، القدوس، السلام، المؤمن، المهيمن، العزيز، الجبار، المتكبر، الخالق، البارئ، المصور، الغفار، القهار، الوهاب، الرزاق، الفتاح، العليم، القابض، الباسط، الخافض، الرافع، المعز، المذل، السميع، البصير، الحَكَم، العدل، اللطيف، الخبير، الحليم، العظيم، الغفور، الشكور، العلي، الكبير، الحفيظ، المُقِيت، الحسيب، الجليل، الكريم، الرقيب، المجيب، الواسع، الحكيم، الودود، المجيد، الباعث، الشهيد، الحق، الوكيل، القوي، المتين، الوليّ، الحميد، المُحصي، المبدئ، المعيد، المحيي، المميت، الحي، القيوم، الواجد، الماجد، الواحد، الصمد، القادر، المقتدر، المقدم، المؤخر، الأول، الآخر، الظاهر، الباطن، الوالي، المتعالي، البَرّ، التواب، المنتقم، العفوّ، الرؤوف، مالك الملك، ذو الجلال والإكرام، المُقسط، الجامع، الغني، المغني، المانع، الضار، النافع، النور، الهادي، البديع، الباقي، الوارث، الرشيد، الصبور».
ﷻ
1 / 5
مقَدّمَة
الحمد لله العظيم الشان، ذي القوة والجبروت والسلطان، والرحمة والستر والغفران، آثاره أنارت العقول والأذهان، وآلاؤه علّقت به القلوب والأبدان، فذلّت لخالقها العظيم، ورغبت بما عنده من الأجر والخير العميم.
إن من شيء إلا يسبح بحمده، وما من مخلوق إلا سجد - طوعًا أو كرهًا - لعظمته.
هدى من شاء إلى الصراط المستقيم فضلًا ومَنّاّ، وأضلّ من أراد عن النهج القويم عدلًا وعلمًا، لا يُسأل عما يفعل والخلق يُسألون، لا إله إلا هو رب كل شيء والخلق مربوبون.
إله واحد أحد، فرد صمد، جلّ في علاه عن الشبيه والمثيل، وتقدست أسماؤه وصفاته وتنزهت عن التشبيه والتعطيل.
﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ الشورى: ١١
وأشهد أن لا إله إلا الله الحليم الكريم، وأشهد أن نبينا محمدًا عبده ورسوله، وصفيه من خلقه، وحبيبه وخليله، فصلِّ
1 / 7
اللهم عليه وعلى آله وصحبه الغُرّ الميامين، ومَن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
المرء في هذه الحياة مكلف بالعمل، وبتقصير الأمل، وانتظارِ الأجل على وجل، والحياة الدنيا مليئة بالمغريات الفاتنات، والمحبوباتِ الصارفات، والسفاسفِ الدنيّات، والشيطان متربص بالإنسان، ينتظر منه الغفلة حتى يصرفه إلى العصيان، وقد أقسم بعزة الرحمن الرحيم على أن ذلك منهجه لا يحيد عنه ولا يميل إلى يوم لقاء الملك الدّيان، وشياطين الإنس جاهدون في الإغواء عاملون على كل ما يورث الشقاء، في الدنيا والآخرة على السواء، فمتى يستقيم المرء مع هذا الحال، ومتى يجمع قلبه على مولاه ذي الجلال؟
في وسط هذا الخضم الهائج والبحر المائج يتذكر المرء مولاه فيقبل عليه مستعينًا متوكلًا، مناجيًا وداعيًا، مسبحًا ومثنيًا، يستمسك منه بحبل متين، وصراط مستقيم، يسأله الرشد والثبات، والهدى والتقوى والرشادَ حتى الممات.
وهذه الرسالة وضعتها لأجل هذه المعاني العليّات، ولأبين جوانب مضيئات كريمات، في فزع النبي ﷺ والصحابة الكرام، ومن تبعهم من السلف العظام والخلق الكرام إلى يوم الناس هذا، في فزعهم إلى الله ﵎ بالثناء والتسبيح والتقديس،
1 / 8
والمناجاة الكفيلة بإذهاب ما يجده العبد في نفسه من الوساوس والتلبيس، والتخويف والإحباط والتيئيس، عسى أن نقتدي بالصالحين في هذا المجال، فنفزع إلى ذكر ذي الجلال، والثناء عليه بلساني الحال والمقال، وإلى التسبيح الموصل إلى الثبات والإقامة على جميل الصفات والخِلال.
1 / 9
أهمية هذا البحث
أولًا: إحياء معاني المناجاة والثناء والتسبيح التي ضعفت في نفوس الناس اليوم، وتلاشت - أو كادت - آثارها في القلوب.
وهذا مشاهد محسوس في طبقات كثير من الدعاة والصالحين والخطباء والمحاضرين، فتجدهم - أو جُلهم - يكاد كلامهم يخلو من هذه الألفاظ المرققات والمعاني العلّيات، فقست قلوب الناس وجفّت عيونهم، ولا غرابة في هذا ولا عجب؛ حيث إن مَن ذكرتُ هم قادة الناس الإيمانيون، وزعماؤهم الروحيون، وموجهوهم ومرشدوهم، ومعلموهم ومربوهم، فإذا ضعف أولئك ضعف هؤلاء، سبيلٌ ماله ثان، وطريقة معروفة نتائجها، ومشكلة وضحت أسبابها وعللها، فإذا التزم الناس قراءةَ وسماع وفهم مثل هذه التسبيحات والتحميدات يُرجى أن ترقّ قلوبهم وتخشع، وتسعفها عيونهم فتدمع، وجوارحهم فتخضع، وفي هذا كله صلاحٌ - إن شاء الله تعالى - للمجتمع والأفراد.
ثانيًا: جمع نصوص مختارة من الثناء والحمد والمناجاة والتسبيح لتكون بين يدي الخطباء فيزينوا بها خطبهم، وبين يدي المصنفين ليصدروا بها كتبهم، وبين يدي الصالحين يقرأونها في
1 / 11
الخلوات، وبين يدي المربين والمعلمين والموجهين ليعلموها لطلابهم والمقبلين عليهم.
كما أن كثيرًا من الناس سيستفيد - إن شاء الله تعالى - من هذه النصوص الإيمانية في عدد من الأوقات الفاضلة كرمضانَ والحج، وأوقات إجابة الدعاء التي وردت في شرعنا المطهر؛ وذلك لأن كثيرًا من الناس لا يعرفون كيف يثنون على ربهم ويمجدونه، ولا كيف يحمدونه ويناجونه، فكانت هذه النصوص المختارة مساعدة لهم في هذا الباب يقرأونها بلا تحرج ولا شك ولا ارتياب في مضمونها - إن شاء الله تعالى - فقد هذبتها - كما سأذكر قريبًا إن شاء الله تعالى - وخلصتها مما يمكن أن يكدر بعضَها من ابتداع أو غموض في اللفظ أو المعنى أو كليهما معًا.
ثالثًا: التنبيه على أهمية مصاحبة الثناء والتسبيح للدعاء
إن الدعاء المقرونَ بالمناجاة والثناء والتسبيح خير من الدعاء الذي يخلو منها، وما زال الصالحون يعرفون للثناء فضلَه، وللتسبيح أثرَه، وللمناجاة أهميتَها فلا يُخلون دعاءهم منها، وهكذا كان دأب الأنبياء العظام وأصحابهم الكرام، منذ آدم ﵊ إلى نبينا ﷺ.
فإذا عرف الداعي هذا تقدم بالثناء بين يدي الدعاء، وخلط به المناجاة والتسبيح، حتى لا يلج على مولاه الغفور إلا وقد قدّم شروطَ القبول، وتعلم آدابَ المُثُول.
1 / 12
النهج الذي سلكته
أولًا: في المصادر المستقى منها مادة الكتاب:
أـ ابتدأت الكتاب بذكر آيات كريمات مختارات فيها ثناء على الله تعالى وتسبيح، وآيات القرآن العظيم هي العمدة في هذا الباب - وفي كل باب - إذ أن أعظم مَن أثنى على الله هو الله ﷻ، ولا يوصف سبحانه إلا بما وصف به نفسه أو وصفه به أنبياؤه، فكان لا بد من هذا التقديم، وما أجمله وما أعظمه، وما أبركه وما أشرفه، وما أطهره وما أسماه وما أكرمه.
ب - ثم تخيرت من ثناء المصطفى ﷺ على ربه جل علاه، وتسبيحه إياه ومناجاته ما يكون بمثابة الدرة الفاخرة المكملة لذلك العِقد القرآني الفريد، والكلام الرباني المجيد، ولا يعرف أحد من البشر مِن قَدْر الله ﷻ ما يعرفه نبينا محمد ﷺ.
واخترت الصحيح من الأحاديث والحسن، وما ليس فيه واهٍِ أو شديد الضعف أو متروك أو كذاب، وذلك أن الأخذ بالحديث ذي السند الضعيف في فضائل الأعمال مقبول عند كثير من العلماء
1 / 13
الكبار بشروطه المعروفة المسطرة التي راعيتها - بقدر الاستطاعة - في هذا الكتاب.
ومن لا يرغب في الأخذ بالأحاديث ذات السند الضعيف فليُثن على الله بالثناء الوارد فيها بدون نسبتها إلى النبي ﷺ مستفيدًا مما فيها من ألفاظ جليلة ومعان كريمة، هذا وقد كانت نسبة الأحاديث الضعيفة إلى باقي الأحاديث المختارة قليلة، ولله الحمد.
جـ - ثم عرّجت على تسبيح الصالحين ومناجاتهم وثنائهم على الله تعالى من الصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الناس هذا، نظمًا ونثرًا، مستوعبًا ما أمكنني الاستيعاب، متخيرًا ما وسعني الاختيار.
وقد راعيت في إثبات ثناء الصحابة وتسبيحهم ما راعيته في إثبات الأحاديث النبوية، ما وسعني ذلك وقد سبق الكلام عليها في الفقرة السابقة.
ثانيًا: التهذيب للمادة المختارة:
أعني بالتهذيب إزالة ما شاع في كلام بعض الصالحين من المتقدمين والمتأخرين - خلا الصحابة ﵃ أجمعين - من ثناء وتسبيح قد يَغْمض فهمُ لفظه أو معناه أو كليهما، أو كان فيه ما لا يسوغ، أو ما يُظن أنه بدعة أو مخالفة للنهج الصحيح،
1 / 14
في الثناء والتسبيح والمناجاة، فآثرت حذف كل ذلك،مؤثرًا السلامة مما هنالك، وقد وضعت نقاطًا ثلاثة دالة على حصول حذف في النص حتى يكون القارئ على بينة تامة بما صنعته.
وقد أوردت نصوصًا في الثناء والتسبيح لبعض من يُتهمون ببدعة؛ وذلك لأني نظرت إلى الحق من كلامهم فأوردته وتركت الباطل منه واجتنبته أو هذبته.
أما الثناء والتسبيح الذي أجراه بعضهم في صورة مخاطبات غزلية، أو ضلالات اتحادية فقد صرفت النظر عنه ولم أتعرضه له أصلًا.
وقد جريت على ذلك كله حتى يكون الثناء والمناجاة والتسبيح قريبًا من نفس القارئ وأدعى لقبوله إياه بلا تردد ولا تحرج، وبلا غوص على المعاني بتكلف؛ إذ من شأن الثناء والتسبيح والمناجاة الوضوح والصفاء، بألفاظ جلية ومعاني علية، والله تعالى أعلم.
وقد حذفت المكرر من الثناء والمناجاة، ودللت على ذلك بنقاط ثلاث.
ثالثًا: الاكتفاء بإيراد الثناء والتسبيح والحمد والمناجاة دون الدعاء:
وقد خَلّصَت الثناء من الدعاء؛ إذ أكثر ما أوردته من الثناء
1 / 15
والتسبيح والتحميد والمناجاة متبوع بدعاء أو مختلط به، وليس إيراد الدعاء مقصود الكتاب؛ إذ هنالك كتب كثيرة تكفلت به، ولو لم أفعل لتضخم حجم الكتاب إلى الحد الذي يخرج به عن المقصود من جَعْل الثناء والتسبيح والمناجاة قريبة لنفس القارئ ميسرة له، ومن أراد الدعاء بعد الثناء والمناجاة فليصنع، وليس عليه من حرج في خلط ما أوردته بما أراد من دعائه أو بأي دعاء مأثور آخر، والله أعلم.
رابعًا: النهج العلمي الأكاديمي:
قد سقت المادة مشفوعة بالنهج العلمي «الأكاديمي» من ترجمة للأعلام، وتخريج للأحاديث والآثار، وشرح للغريب أو الذي قد يغمض على بعض القراء دون بعض آخر، ومن بعض الفهارس النافعة الكاشفة.
أما تقسيم المادة في المتن إلى فقرات علمية، ودراستها والتعليق عليها، وربط أجزائها كما يصنع بالنصوص التي تُنقد بلاغيًا وتدرس، فقد نأيت عن هذا كله تقريبًا؛ إذ ليست المادة مسوقةًَ مساقَ النقد والشرح والدراسة ولكن مساقَ العبرة والاتعاظ والفائدة والتأثر، ولكل مقام مقال.
وقد قمت بتقسيم النصوص المختارة على حسب تواريخ وفيات أصحابها ما وسعني ذلك وما استطعته منذ زمان الصحابة
1 / 16
رضي الله تعالى عنهم أجمعين إلى ما انتهى إليه اختياري وما وفقني إليه الباري جل جلالة.
وأرجو أن يكون ما صنعته مفيدًا لقارئه والناظر فيه، وأرجو فيه الأجر والذكر الجميل.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
1 / 17
تمهيد
إن الثناء على الله تعالى وتسبيحه وتمجيده ومناجاته أمر محمود عظيم، وخلط ذلك كله في الدعاء أمر مطلوب جليل، وقد وردت أدلة وآثار توضح هذا وتؤكده، وقد سار على هذا النهج الأنبياء العظام والملائكة الأطهار، والصالحون الأبرار، وسآتي أولًا بالأدلة من الكتاب والسنة على أهمية هذا العمل:
أـ أدلة من القرآن العظيم:
وردت آيات كريمات تحث على الثناء على الله تعالى وحمده وخلط ذلك بالدعاء فمن ذلك:
١ـ قال تعالى: ﴿وَللهَِ الأَسْمَآءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا (١)﴾.
ودعاء العبد ربَّه بأسمائه الحسنى هو ثناء على الله وتمجيده، كما هو معلوم.
_________
(١) سورة الأعراف: آية ١٨٠
1 / 19
قال الإمام القرطبي (١) ﵀:
(قوله تعالى: ﴿فَادْعُوهُ بِهَا﴾، أي اطلبوا منه بأسمائه، فيُطلب بكل اسم ما يليق به، تقول: يا رحمن ارحمني، يا حكيم احكم لي، يا رزاق ارزقني، يا هادي اهدني، يا فتّاح افتح لي، يا تواب تُب علي، وهكذا ...
فإن دعوت باسم عامٍّ قلت: يا مالك الملك ارحمني، يا عزيز احكم لي، يا لطيف ارزقني.
وإن دعوت بالاسم الأعظم فقلت: يا الله فهو متضمن لكل اسم.
ولا تقول: يا رزاق اهدني إلا أن تريد يا رازق ارزقني الخير ...) (٢).
٢ - وقال تعالى: مخبرًا عن أهل الجنة:
﴿دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلاَمٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (٣)﴾.
_________
(١) هو الشيخ الإمام محمد بن أحمد بن أبي بكر الأنصاري الخزرجي القرطبي. إمام متفنن متبحر في العلم، له تصانيف مفيدة تدل على كثرة اطلاعه ووفور فضله. توفى سنة ٦٧١ في صعيد مصر رحمه الله تعالى. انظر «الوافي بالوفيات»: ٢/ ١٢٢ - ١٢٣.
(٢) «الجامع لأحكام القرآن»: ٧/ ٣٢٧
(٣) سورة يونس: آية ١٠.
1 / 20
و﴿دَعْوَاهُمْ﴾: (أي دعاؤهم في الجنة أن يقولوا: سبحانك اللهم، وقيل بالحمد).
ومعنى ﴿وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ﴾: (قيل: إذا أرادوا أن يسألوا شيئًا أخرجوا السؤال بلفظ التسبيح ويختمون بالحمد، وقيل: نداؤهم الخدم ليأتوهم بما شاؤوا ثم سبحوا ...) (١).
ب - أدلة من السنة المطهرة:
ومما ورد في السنة المطهرة في الحث على الثناء والتسبيح وقرنه بالدعاء:
١ - عن فَضالة بن عُبيد (٢) ﵁ قال:
سمع رسول الله ﷺ رجلًا يدعو في صلاة لم يمجد الله تعالى ولم يُصلِّ على النبي ﷺ فقال رسول الله ﷺ:
«عَجِلَ هذا».
ثم دعاه فقال له أو لغيره:
«إذا صلى أحدكم فليبدأ بتمجيد ربَّه سبحانه والثناء عليه، ثم
_________
(١) «الجامع لأحكام القرآن»: ٨/ ٣١٣.
(٢) فضالة بن عبيد بن نافذ الأنصاري الأوسي. شهد أحدًا وما بعدها. نزل دمشق وولي قضاءها. توفي سنة ٥٨ ﵁. انظر «التقريب»: ٤٤٥.
1 / 21
يصلي على النبي ﷺ ثم يدعو بما شاء» (١).
وفي رواية: سمع رسول الله ﷺ رجلًا يصلي فمجّد الله وحمده، وصلى على النبي ﷺ فقال رسول الله ﷺ:
«ادع تُجب، وسل تُعْطَ» (٢).
ونص الحديثين واضح في تفضيل الدعاء المسوق فيه التمجيد والثناء والصلاة على النبي ﷺ على غيره من الأدعية الخالية من ذلك.
٢ - عن الأسود بن سَريع (٣) ﵁ قال: أتيت النبي ﷺ فقلت: يا رسول الله، إني حمدت ربي ﵎ بمحامدَ ومِدحَ، وإياك.
فقال رسول الله ﷺ:
«أما إن ربك ﵎ يحب المدح، هات ما امتدحت به ربك ﵎.
_________
(١) أخرجه الإمام الترمذي في سننه: كتاب الدعوات: باب جامع الدعوات عن النبي ﷺ: ٥/ ٥١٧ وقال: حديث حسن صحيح. والحديث حسن إن شاء الله تعالى.
(٢) أخرجة الإمام النسائي في سننه: كتاب السهو: باب التمجيد والصلاة على النبي ... ﷺ في الصلاة.
(٣) الأسود بن سَريع التميمي السعدي. نزل البصرة ومات في أيام الجمل، وقيل سنة ٤٢، رضي الله تعالى عنه. انظر «التقريب»: ١١١.
1 / 22
قال: فجعلت أنشده ...) (١).
٣ - وعن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله ﷺ:
«لا أحدَ أغيرُ من الله، ولذلك حرّم الفواحش ما ظهر منها وما بطن، ولا شيء أحب إليه المدح من الله، ولذلك مدح نفسه) (٢).
٤ - والنبي ﷺ يشفع للخلائق يوم القيامة عند الله ﵎، ويكون وسيلته في ذلك الثناء والحمد، فعن أنس ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ:
«... فأستأذن على ربي فيؤذن لي، ويلهمني محامده أحمده بها - لا تحضرني الآن ـ، فأحمده بتلك المحامد، وأخرّ له ساجدًا ...».
وفي رواية:
«... فأقع ساجدًا لربي ﷿، ثم يفتح علي من محامده وحسن الثناء عليه شيئًا لم يفتحه على أحد قبلي، ثم يقول: يا
_________
(١) قال الإمام الهيثمي: (رواه أحمد والطبراني بأسانيد، ورجال أحدهما عند أحمد رجال الصحيح). انظر «مجمع الزوائد»: ٨/ ١٢١.
(٢) أخرجه الإمام البخاري في مواضع من صحيحه منها: كتاب التفسير، تفسير سورة الأنعام.
1 / 23