وفي هذه القافية وحدها تصغيرات كثيرة، وكذلك الحال في أكثر القصائد، وربما كان ابن الفارض أكثر من اهتموا بالتصغير بين شعراء اللغة العربية، وعند درس تصغيراته نراها مالت به أحيانا إلى التكلف أو الجناية على المعنى، كالذي وقع في تصغير الهوى والأرى، ولا يقف كلفه بالتصغير عند الأسماء، بل يتعداه إلى الإكثار من تصغير فعل التعجب، كقوله:
يا ما أميلح كل ما يرضى به
ورضابه يا ما أحيلاه بفي
وكما يكثر عنده التصغير تكثر عبارة «لعمرك» وهي عبارة جاهللية فتن بها عمر بن أبي ربيعة فتنة شديدة، وأنس بها ابن الفارض.
ومما شارك فيه ابن الفارض معاصريه الغرام بالألغاز، واللغز ليس من الشعر في شيء، إنما هو نظم يراد به اختبار الذكاء؛ ولذلك نرى اللغز بعيدا عن فن ابن الفارض الذي يعتمد على الروح.
وألغازه من الوجهة النظمية منها الثقيل والمقبول، وقد راجعناها فلم نرض فيها عن شيء، ويكفي هذا الشاهد في الإلغاز بحلب:
ما بلدة في الشام قلب اسمها
تصحيفه أخرى بأرض العجم
وثلثه إن زال من قلبه
وجدته طيرا شجي النغم
صفحة غير معروفة