عبدا من عبادنا آتيناه رحمة من عندنا وعلمناه من لدنا علما .
إن شئت فسم تلك المثاليات بالتصوف أو بالأفق الأعلى، وإن أحببت فليكن عنوانها نورانية العبودية أو الروحانية الإسلامية.
فالتصوف هو جماع تلك المثاليات، وهو الذي يرسم الأفق الأعلى لمن يتسامى، الأفق الأعلى المشرق بالروحانية الإسلامية، الأفق الأعلى الذي تتجلى فيه العبودية الكاملة بأنوارها وإلهاماتها.
وسبيل التصوف إلى تلك الآفاق هو الاستعداد الفطري الممثل في الحب الإلهي، ثم الذكر الدائم، والخلق الكامل، والتطوع المتواصل لما فوق الفرائض والنوافل.
وفي الحديث القدسي: «فلا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه، ولإن استعاذني لأعيذنه.»
تلك هي مرتبة النوافل، وما أدراك ما هي؟ ولكن فوقها مرتبة التطوع الدائم؛ وهي جعل الحياة كلها ذكرا وعبادة
واذكر ربك في نفسك تضرعا وخيفة ودون الجهر من القول بالغدو والآصال ولا تكن من الغافلين ،
كانوا قليلا من الليل ما يهجعون * وبالأسحار هم يستغفرون ،
وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما * والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما .
وأفق تلك المرتبة؛ مرتبة العبودية الكاملة، الأثر المشهور: «عبدي أطعني تكن ربانيا؛ تقول للشيء: كن فيكون.»
صفحة غير معروفة