بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الْحَمْدُ لِلَهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ أَفْضَلِ الرِّجَالِ.
أَمَّا بَعْدُ فَهَذَا كِتَابٌ فِي أَخْبَارِ فَقِيهِ الْعَصْرِ وَعَالِمِ الْوَقْتِ، أَبِي حَنِيفَةَ، ذِي الرُّتْبَةِ الشَّرِيفَةِ، وَالنَّفْسِ الْعَفِيفَةِ، وَالدَّرَجَةِ الْمُنِيفَةِ: النُّعْمَانِ بْنِ ثَابِتِ بْنِ زُوطَى مُفْتِي أَهْلِ الْكُوفَةِ، وُلِدَ ﵁ وَأَرْضَاهُ، وَأَنْفَذَ مَا أَوْضَحَهُ مِنَ الدِّينِ الْحَنِيفِيِّ وَأَمْضَاهُ، فِي سَنَةِ ثَمَّانِينَ فِي خِلافَةِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ بِالْكُوفَةِ،
1 / 13
وَذَلِكَ فِي حَيَاةِ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ ﵃، وَكَانَ مِنَ التَّابِعِينَ لَهُمْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِإِحْسَانٍ، فَإِنَّهُ صَحَّ أَنَّهُ رَأَى أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ إِذْ قَدِمَهَا أَنَسٌ ﵁.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ: حَدَّثَنَا سَيْفُ بْنُ جَابِرٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا حَنِيفَةَ، يَقُولُ: «رَأَيْتُ أَنَسًا ﵁»، وَقَالَ يَعْقُوبُ بْنُ شَيْبَةَ السَّدُوسِيُّ: أَبُو حَنِيفَةَ مَوْلَى لِبَنِي تَيْمِ اللَّهِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ
وَقَالَ أَبُو خَازِمٍ عَبْدُ الْحَمِيدِ الْقَاضِي: سَأَلْتُ
1 / 14
ابْنَ إِسْمَاعِيلَ بْنِ حَمَّادِ بْنِ أَبِي حَنِيفَةَ: لِمَنْ وَلاؤُكُمْ؟ فَقَالَ: «سَبْيُ ثَابِتٍ أَبُو أَبِي حَنِيفَةَ مِنْ كَابِلٍ، فَاشْتَرَتْهُ امْرَأَةٌ مِنْ بَنِي تَيْمِ اللَّهِ بْنِ ثَعْلَبَةَ فَأَعْتَقَتْهُ»
وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ: «كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ حَسَنَ الْوَجْهِ وَاللِّحْيَةِ حَسَنَ الثِّيَابِ»
وَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ زِيَادٍ: «رَأَيْتُ أَبَا حَنِيفَةَ بِالْكُوفَةِ وَعَلَيْهِ
1 / 15
طَوِيلَةٌ سَوْدَاءُ»
وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ الْكُوفِيُّ بِمِصْرَ: سَمِعْتُ أَبِي، يَقُولُ: " رَأَيْتُ شَيْخًا فِي مَسْجِدِ الْكُوفَةِ يُفْتِي النَّاسَ وَعَلَيْهِ قَلَنْسُوَةٌ طَوِيلَةٌ، فَقُلْتُ مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: أَبُو حَنِيفَةَ "
قَالَ قَاضِي مِصْرَ أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى بْنِ الْحَارِثِ بْنِ أَبِي الْعَوَّامِ السَّعْدِيُّ فِي كِتَابِ فَضَائِلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَهُوَ مُجَلَّدٌ وَاحِدٌ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ سَهْلٍ التِّرْمِذِيُّ، ثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ غَسَّانَ الْقَاضِي، ثَنَا أَبِي، أَنَا جَدِّي أَبُو غَسَّانَ أَيُّوبُ بْنُ يُوسُفَ، سَمِعَ النَّضْرَ بْنَ مُحَمَّدٍ، يَقُولُ: " كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ جَمِيلَ الْوَجْهِ، سَرِيَّ الثَّوْبِ عَطِرًا، وَلَقَدْ أَتَيْتُهُ فِي حَاجَةٍ، فَصَلَّيْتُ مَعَهُ الصُّبْحَ وَعَلَيَّ كِسَاءٌ قُومِسِيٌّ، فَأَمَرَ بِإِسْرَاجِ بَغْلَهُ، وَقَالَ: أَعْطِنِي كِسَاءَكَ لأَرْكَبَ فِي حَاجَتِكَ وَهَذَا كِسَائِي إِلَى أَنْ أَرْجِعَ، فَفَعَلْتُ، فَلَمَّا رَجِعَ، قَالَ: يَا نَضْرُ أَخْجَلْتَنِي بِكِسَائِكَ، قُلْتُ: وَمَا أَنْكَرْتَ مِنْهُ؟ قَالَ: هُوَ غَلِيظٌ، قَالَ النَّضْرُ: وَكُنْتُ اشْتَرَيْتُهُ بِخَمْسَةِ دَنَانِيرَ وَأَنَا بِهِ مُعْجَبٌ، ثُمَّ رَأَيْتُهُ بَعْدَ هَذَا وَعَلَيْهِ كِسَاءٌ قُومِسِيٌّ قَوَّمْتُهُ بِثَلاثِينَ دِينَارًا "
مِنْ أَخْلاقِهِ وَوَرَعِهِ
رَوَى الْحَسَنُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُجَالِدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ
1 / 16
الرَّشِيدِ إِذْ دَخَلَ عَلَيْهِ أَبُو يُوسُفَ، فَقَالَ لَهُ هَارُونُ: صِفْ لِي أَخْلاقَ أَبِي حَنِيفَةَ، قَالَ: " كَانَ وَاللَّهِ شَدِيدَ الذَّبِّ عَنْ حَرَامِ اللَّهِ، مُجَانِبًا لأَهْلِ الدُّنْيَا، وَطَوِيلَ الصَّمْتِ دَائِمَ الْفِكْرِ، لَمْ يَكُنْ مِهْذَارًا وَلا ثِرْثَارًا، إِنْ سُئِلَ عَنْ مَسْأَلَةٍ عِنْدَهُ مِنْهَا عِلْمٌ أَجَابَ فِيهَا، مَا عَلِمْتُهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِلا صَائِنًا لِنَفْسِهِ وَدِينِهِ، مُشْتَغِلا بِنَفْسِهِ عَنِ النَّاسِ لا يَذْكُرُ أَحَدًا إِلا بِخَيْرٍ، فَقَالَ الرَّشِيدُ: هَذِهِ أَخْلاقُ الصَّالِحِينَ "
وَقَالَ الْقَاسِمُ بْنُ غَسَّانَ: سَمِعْتُ إِسْحَاقَ بْنِ أَبِي إِسْرَائِيلَ، يَقُولُ: ذَكَرَ قَوْمٌ أَبَا حَنِيفَةَ عِنْدَ ابْنِ عُيَيْنَةَ فَتَنَقَّصَهُ بَعْضُهُمْ، فَقَالَ سُفْيَانُ: «مَهْ! كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ أَكْثَرَ النَّاسِ صَلاةً، وَأَعْظَمَهُمْ أَمَانَةً، وَأَحْسَنَهُمْ مُرُوءَةً»
وَرُوِيَ عَنْ شُرَيْكٍ، قَالَ: «كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ طَوِيلَ الصَّمْتِ دَائِمَ الْفِكْرِ، كَبِيرَ الْعَقْلِ، قَلِيلَ الْمُحَادَثَةِ لِلنَّاسِ»
وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُجَالِدٍ، سَمِعْتُ وَكِيعًا، يَقُولُ: قَالَ
1 / 17
الْحَسَنُ بْنُ صَالِحِ بْنِ حُيَيٍّ: «كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ شَدِيدَ الْخَوْفِ لِلَّهِ، هَائِبًا لِلْحَرَامِ أَنْ يَسْتَحِلَّ»
وَعَنْ بِشْرِ بْنِ يَحْيَى، سَمِعْتُ ابْنَ الْمُبَارَكِ، يَقُولُ: «مَا رَأَيْتُ رَجُلًا أَوْقَرَ فِي مَجْلِسِهِ، وَلا أَحْسَنَ سَمْتًا وَحِلْمًا مِنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَلَقَدْ كُنَّا عِنْدَهُ فِي الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ، فَوَقَعَتْ حَيَّةٌ مِنَ السَّقْفِ فِي حِجْرِهِ، فَمَا زَادَ عَلَى أَنْ نَفَضَ حِجْرَهُ، فَأَلْقَاهَا وَمَا مِنَّا أَحَدٌ إِلا هَرَبَ»
وَعَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ حَمَّادِ بْنِ أَبِي حَنِيفَةَ، قَالَ: «لَمَّا حَذِقَ أَبِي حَمَّادٌ قِرَاءَةَ الْفَاتِحَةِ، أَعْطَى أَبُو حَنِيفَةَ الْمُعَلِّمَ خَمْسِ مِائَةِ دَرْهَمٍ»، وَقَدْ وَرَدَ فِي كَرَمِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَفْضَالِهِ أَخْبَارٌ عَدِيدَةٌ
وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ الْجَوْهَرِيُّ، ثَنَا الْمُثَنَّى بْنُ رَجَاءٍ، قَالَ: «جَعَلَ أَبُو حَنِيفَةَ عَلَى نَفْسِهِ إِنْ حَلَفَ بِاللَّهِ صَادِقًا فِي عَرَضِ حَدِيثِهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِدِينَارٍ، فَكَانَ إِذَا حَلَفَ تَصَدَّقَ بِدِينَارٍ، وَكَانَ إِذَا أَنْفَقَ عَلَى عِيَالِهِ نَفَقَةً تَصَدَّقَ بِمِثْلِهَا»
وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ: «لَقِيَ أَبُو حَنِيفَةَ مِنَ النَّاسِ عَتَبًا لِقِلَّةِ مُخَالَطَتِهِ النَّاسَ، فَكَانُوا يَرَوْنَهُ مِنْ زَهْوٍ فِيهِ، وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ غَرِيزَةٌ فِيهِ»
وَقَالَ جُبَارَةُ بْنُ الْمُغَلِّسِ: سَمِعْتُ قَيْسَ بْنِ الرَّبِيعِ، يَقُولُ: «كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ وَرِعًا تَقِيًّا، مُفَضَّلا عَلَى إِخْوَانِهِ»
وَقَالَ لُوَيْنٌ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ جَابِرٍ، يَقُولُ: «كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ قَلِيلَ
1 / 18
الْكَلامِ إِلا بِمَا يُسْأَلُ عَنْهُ، قَلِيلَ الضَّحِكِ كَثِيرَ الْفِكْرِ، دَائِمَ الْقُطُوبِ كَأَنَّهُ حَدِيثُ عَهْدٍ بِمُصِيبَةٍ»
وَقَالَ زَيْدُ بْنُ أَخْزَمَ، سَمِعْتُ الْخُرَيْبِيَّ، يَقُولُ: كُنَّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: إِنِّي وَضَعْتُ كِتَابًا عَلَى خَطِّكَ إِلَى فُلانٍ، فَوَهَبَ لِي أَرْبَعَةَ آلافِ دِرْهَمٍ، فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: «إِنْ كُنْتُمْ تَنْتَفِعُونَ بِهَذَا فَافْعَلُوا» .
رَوَاهَا الطَّحَاوِيُّ، عَنْ أَبِي خَازِمٍ الْقَاضِي عَنْهُ
شُيُوخُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ تَفَقَّهَ بِحَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ صَاحِبِ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَبِغَيْرِهِ، وَقَالَ: اخْتَلَفْتُ إِلَى حَمَّادٍ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى عَنْهُ، قَالَ: صَحِبْتُهُ عَشْرَةَ أَعْوَامٍ أَحْفَظُ قَوْلَهُ وَأَسْمَعُ مَسَائِلَهُ، وَسَمِعَ الْحَدِيثَ مِنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ بِمَكَّةَ، وَقَالَ: مَا رَأَيْتُ أَفْضَلَ مِنْ عَطَاءٍ، وَسَمِعَ مِنْ عَطَيَّةَ الْكُوفِيِّ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزَ الأَعْرَجِ، وَعِكْرِمَةَ، وَنَافِعٍ، وَعَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، وَسَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، وَقَتَادَةَ بْنِ دَعَامَةَ، وَأَبِي الزُّبَيْرِ، وَمَنْصُورٍ، وَأَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، وَعَدَدٍ كَثِيرٍ مِنَ التَّابِعِينَ.
تَفَقَّهَ بِهِ جَمَاعَةٌ مِنَ الْكِبَارِ مِنْهُمْ: زُفَرُ بْنُ الْهُذَيْلِ، وَأَبُو يُوسُفَ
1 / 19
الْقَاضِي، وَابْنُهُ حَمَّادُ بْنُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَنُوحُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ الْمَعْرُوفُ بِنُوحٍ الْجَامِعِ، وَأَبُو مُطِيعٍ الْحَكَمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَلْخِيُّ، وَالْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ اللُّؤْلُئُيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، وَأَسَدُ بْنُ عَمْرٍو الْقَاضِي، وَرَوَى عَنْهُ مِنَ الْمُحَدِّثِينَ وَالْفُقَهَاءِ عِدَّةٌ لا يُحْصَوْنَ فَمِنْ أَقْرَانِهِ: مُغِيرَةُ بْنُ مُقْسِمٍ، وَزَكَرِيَّا بْنُ أَبِي زَائِدَةَ، وَمِسْعَرُ بْنُ كِدَامٍ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَمَالَكُ بْنُ مِغْوَلٍ، وَيُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، وَمِمَّنْ بَعْدَهُمْ: زَائِدَةُ، وَشُرَيْكٌ، وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، وَعِيسَى بْنُ يُونُسَ، وَعَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، وَحَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، وَجَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، وَأَبُو مُعَاوِيَةَ، وَوَكِيعٌ، وَالْمُحَارِبِيُّ، وَأَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ، وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، وِإِسْحَاقُ بْنُ يُوسُفَ الأَزْرَقُ، وَالْمُعَافَى بْنُ عِمْرَانَ، وَزَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، وَسَعْدُ بْنُ الصَّلْتِ، وَمَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَأَبُو عَاصِمٍ النَّبِيلُ، وَعَبْدُ الرَّازَّقِ بْنُ هَمَّامٍ، وَحَفْصُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ، وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُقْرِئُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَهَوْذَةُ بْنُ خَلِيفَةَ، وَأَبُو أُسَامَةَ، وَأَبُو يَحْيَى الْحِمَّانِيُّ، وَابْنُ نُمَيْرٍ، وَجَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، وَإِسْحَاقُ بْنُ سُلَيْمَانَ الرَّازِيُّ، وَخَلائِقٌ عِبَادَةُ أَبِي حَنِيفَةَ قَدْ تَوَاتَرَ قِيَامُهُ اللَّيْلَ وَتَهَجُّدُهُ وَتَعَبُّدُهُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى.
قَالَ
1 / 20
يَعْقُوبُ بْنُ شَيْبَةَ: حَدَّثَنِي بَكْرٌ، سَمِعْتُ أَبَا عَاصِمٍ النَّبِيلُ، يَقُولُ: «كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ يُسَمَّى الْوَتَدُ لِكَثْرَةِ صَلاتِهِ»
وَقَالَ حُرَيْثُ بْنُ أَبِي الْوَرْقَاءِ، سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ إِسْحَاقَ السَّمَرْقَنْدِيَّ، سَمِعْتُ أَبَا يُوسُفَ، يَقُولُ: «كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ يَخْتِمُ الْقُرْآنَ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ فِي رَكْعَةٍ»
هَذِهِ حِكَايَةٌ غَرِيبَةٌ، وَالْمَحْفُوظُ مَا
رَوَاهُ بِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ الْكِنْدِيُّ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ، قَالَ: " كُنْتُ أَمْشِي مَعَ أَبِي حَنِيفَةَ إِذْ سَمِعْتُ رَجُلًا، يَقُولُ لآخَرَ: هَذَا أَبُو حَنِيفَةَ لا يَنَامُ اللَّيْلَ، فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: وَاللَّهِ لا يَتَحَدَّثُ عَنِّي مَا لا أَفْعَلُ! فَكَانَ يُحْيِي اللَّيْلَ صَلاةً وَدُعَاءً وَتَضَرُّعًا "
وَرَوَى حِبَّانُ بْنُ بِشْرٍ، عَنْ حَكَّامِ بْنِ سَلْمٍ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، قَالَ: «كُنَّا نَخْتَلِفُ إِلَى عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، فَكَانَ أَبُو حَنِيفَةَ يُصَلِّي الْعِشَاءَ وَالْفَجْرَ بِطُهْرٍ وَاحِدٍ»
وَرَوَى يَحْيَى الْحِمَّانِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ قَالَ: «صَحِبْتُ أَبَا حَنِيفَةَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ، فَمَا رَأَيْتُهُ صَلَّى الْغَدَاةَ إِلا بِوُضُوءِ الْعِشَاءِ الآخِرَةِ، وَكَانَ يَخْتِمُ الْقُرْآنَ كُلَّ لَيْلَةٍ عِنْدَ السَّحَرِ»
وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ الْجَوْهَرِيُّ: ثَنَا الْمُثَنَّى بْنُ رَجَاءٍ، عَنْ أُمِّ حُمَيْدٍ حَاضِنَةِ وَلَدِ أَبِي حَنِيفَةَ، قَالَتْ: قَالَتْ أُمُّ وَلَدِ أَبِي حَنِيفَةَ: «مَا تَوَسَّطَ أَبُو حَنِيفَةَ فِرَاشًا بِلَيْلٍ مُنْذُ عَرِفْتُهُ، وَإِنَّمَا كَانَ نَوْمُهُ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ فِي الصَّيْفِ وَبِاللَّيْلِ فِي مَسْجِدِهِ أَوَّلَ اللَّيْلِ فِي الشِّتَاءِ»
وَعَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُقْرِئِ، قَالَ: «لَوْ رَأَيْتَ أَبَا حَنِيفَةَ يُصَلِّي، عَلِمْتَ أَنَّ الصَّلاةَ مِنْ هَمِّهِ»
1 / 21
وَقَالَ جُبَارَةُ بْنُ الْمُغَلِّسِ: سَمِعْتُ الْحُسَيْنَ الْجُعْفِيَّ، وَسَأَلَهُ رَجُلٌ: أَكَانَ أَبُو حَنِيفَةَ يُؤْمِنُ بِالْبَعْثِ؟ فَقَالَ: أَخْبَرَنِي مَنْ شَهِدَهُ وَهُوَ " يُرَدِّدُ هَذِهِ الآيَةَ ﴿فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ﴾ [الطور: ٢٧] وَهُوَ يَبْكِي، وَيَقُولُ: اللَّهُمَّ مُنَّ عَلَيْنَا وَقِنَا عَذَابَ السَّمُومِ يَا رَحِيمُ "
وَعَنْ سَلْمِ بْنِ سَالِمٍ الْبَلْخِيِّ، عَنْ أَبِي الْجُوَيْرِيَّةِ، قَالَ: «صَحِبْتُ أَبَا حَنِيفَةَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ، فَمَا رَأَيْتُهُ لَيْلَةً وَاحِدَةً وَضَعَ جَنْبَهُ»
وَقَالَ ابْنُ أَبِي الْعَوَّامِ الْقَاضِي فِي فَضَائِلِ أَبِي حَنِيفَةَ: ثَنَا الطَّحَاوِيُّ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي عِمْرَانَ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ شُجَاعٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، قَالَ: «رُبَّمَا قَرَأْتُ فِي رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ حِزْبَيْنِ مِنَ الْقُرْآنِ»
قَالَ عَلِيُّ بْنُ حَفْصٍ الْبَزَّازُ: سَمِعْتُ حَفْصَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، سَمِعْتُ مِسْعَرًا، يَقُولُ: " دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ، فَرَأَيْتُ رَجُلا يُصَلِّي فَاسْتَحْلَيْتُ قِرَاءَتَهُ، فَوَقَفْتُ حَتَّى قَرَأَ سَبْعًا، فَقُلْتُ: يَرْكَعُ، ثُمَّ بَلَغَ الثُّلُثَ، فَقُلْتُ: يَرْكَعُ، ثُمَّ بَلَغَ النِّصْفَ، فَلَمْ يَزَلْ عَلَى حَالِهِ حَتَّى خَتَمَ الْقُرْآنَ فِي رَكْعَةٍ، فَنَظَرْتُ فَإِذَا هُوَ أَبُو حَنِيفَةَ "
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ رُسْتُمَ الْمَرْوَزِيُّ: سَمِعْتُ خَارِجَةَ بْنَ مُصْعَبٍ، يَقُولُ: " خَتَمَ الْقُرْآنَ فِي رَكْعَةٍ أَرْبَعَةٌ مِنَ الأَئِمَّةِ: عُثُمَّانُ بْنُ عَفَّانَ، وَتَمِيمٌ الدَّارِيُّ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَأَبُو حَنِيفَةَ ﵃ "
1 / 22
وَعَنْ يَحْيَى بْنِ نَصْرٍ، قَالَ: «رُبَّمَا خَتَمَ أَبُو حَنِيفَةَ الْقُرْآنَ فِي رَمَضَانَ سِتِّينَ مَرَّةً»
مُحَمَّدُ بْنُ سَمَاعَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مَعْنٍ، " أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ قَامَ لَيْلَةً يُرَدِّدُ قَوْلَهُ تَعَالَى: ﴿بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ﴾ [القمر: ٤٦] ، وَيَبْكِي وَيَتَضَرَّعُ إِلَى الصَّبَاحِ "
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ حَمَّادِ بْنِ الْمُبَارَكِ الْمُصَيْصِيُّ فِي سِيرَةِ أَبِي حَنِيفَةَ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مَلِيحِ بْنِ وَكِيعِ بْنِ الْجَرَّاحِ: ثَنَا يَزِيدُ بْنُ كُمَيْتٍ، سَمِعْتُ رَجُلا يَقُولُ لأَبِي حَنِيفَةَ: اتَّقِ اللَّهَ! فَانْتَفَضَ وَاصْفَرَّ وَأَطْرَقَ، وَقَالَ: «جَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا، مَا أَحْوَجَ النَّاسَ كُلَّ وَقْتٍ إِلَى مَنْ يَقُولُ لَهُمْ مِثْلَ هَذَا!»
وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ كُمَيْتٍ: فَتَحَ غُلامٌ لأَبِي حَنِيفَةَ يَوْمًا رُزْمَةَ خَزٍّ، فَإِذَا الأَخْضَرُ وَالأَحْمَرُ وَالأَصْفَرُ، فَقَالَ الْغُلامُ: نَسْأَلُ اللَّهَ الْجَنَّةَ، فَبَكَى أَبُو حَنِيفَةَ حَتَّى اخْتَلَجَ صِدْغَاهُ وَمِنْكَبَاهُ، وَأَمَرَ بِغَلْقِ الدُّكَّانِ، وَقَامَ مُغَطَّى الرَّأْسِ مُسْرِعًا، فَلَمَّا كَانَ مَنِ الْغَدِ جَلَسْتُ إِلَيْهِ، فَقَالَ: " يَا أَخِي، مَا أَجْرَأَنَا يَقُولُ أَحَدُنَا: نَسْأَلُ اللَّهَ الْجَنَّةَ! إِنَّمَا يَسْأَلُ اللَّهَ الْجَنَّةَ مَنْ رَاضَ نَفْسَهُ - يَعْنِي لَهَا -، إِنَّمَا يُرِيدُ مِثْلُنَا أَنْ يَسْأَلَ اللَّهَ الْعَفْوَ "
وَرَوَى الْخَطِيبُ فِي تَارِيخِهِ مِنْ جِهَةِ أَسَدِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: «صَلَّى أَبُو حَنِيفَةَ فِيمَا حُفِظَ عَلَيْهِ صَلاةَ الْفَجْرِ بِوُضُوءِ الْعِشَاءِ أَرْبَعِينَ سَنَةً، فَكَانَ عَامَّةَ اللَّيْلِ يَقْرَأُ جَمِيعَ الْقُرْآنِ فِي رَكْعَةٍ، وَكَانَ يُسْمَعُ بُكَاؤُهُ بِاللَّيْلِ حَتَّى
1 / 23
يَرْحَمَهُ جِيرَانُهُ، وَحُفِظَ عَلَيْهِ أَنَّهُ خَتَمَ الْقُرْآنَ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي تُوِفِّيَ فِيهِ سَبْعَةَ آلافِ مَرَّةٍ»
أَخْبَرَنِي بِهَذَا الْمُسْلِمُ بْنُ عَلانَ إِجَازَةً، أَنَا أَبُو الْيَمَنِ الْكِنْدِيُّ، أَنَا أَبُو مَنْصُورٍ الشَّيْبَانِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ الْخَطِيبُ، أَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُحْسِنِ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَعْقُوبَ الْكَاغِذِيُّ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحَارِثِيُّ بِبُخَارَى، أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْبَلْخِيُّ، ثَنَا حَمَدُ بْنُ قُرَيْشٍ، سَمِعْتُ أَسَدَ بْنَ عَمْرٍو فَذَكَرَهُ، وَقَالَ مِسْعَرُ بْنُ كِدَامٍ: «رَأَيْتُ أَبَا حَنِيفَةَ قَرَأَ الْقُرْآنَ فِي رَكْعَةٍ»
وَعَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ، قَالَ: «مَكَثَ أَبُو حَنِيفَةَ مُدَّةً يُصَلِّي الْخَمْسَ بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ»
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: قَالَ حَمَّادُ بْنُ أَبِي حَنِيفَةَ: لَمَّا غَسَلَ الْحَسَنُ بْنُ عِمَارَةَ أَبِي، قَالَ: «غَفَرَ اللَّهُ لَكَ لَمْ تَفْطِرْ مُنْذُ ثَلاثِينَ سَنَةً، وَلَمْ تَتَوَسَّدْ يَمِينُكَ بِاللَّيْلِ مُنْذُ أَرْبَعِينَ سَنَةً، وَلَقَدْ أَتْعَبْتَ مَنْ بَعْدَكَ، وَفَضَحْتَ الْقُرَّاءَ»
وَقَالَ حَامِدُ بْنُ آدَمَ الْمَرْوَزِيُّ: سَمِعْتُ ابْنَ الْمُبَارَكِ، يَقُولُ: «مَا رَأَيْتُ أَوْرَعَ مِنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَدْ جُرِّبَ بِالسِّيَاطِ وَالأَمْوَالِ»
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يَعْقُوبَ بْنِ شَيْبَةَ: ثَنَا جَدِّي، أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْمُبَارَكِ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ حَمَّادِ بْنِ أَبِي حَنِيفَةَ، قَالَ: " مَرَرْتُ مَعَ أَبِي بِالْكُنَّاسَةِ، فَبَكَى، فَقُلْتُ لَهُ: يَا أَبَتِ مَا يُبْكِيكَ؟ قَالَ: يَا بُنَيَّ، فِي هَذَا الْمَوْضِعِ ضَرَبَ ابْنُ هُبَيْرَةَ جَدَّكَ عَشْرَةَ أَيَّامٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ عَشْرَةَ أَسْوَاطٍ عَلَى أَنْ يَلِيَ الْقَضَاءَ، فَلَمْ يَفْعَلْ "
1 / 24
وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ الرَّمَادِيُّ: ثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَحْلَمَ مِنْ أَبِي حَنِيفَةَ، كُنَّا جُلُوسًا مَعَهُ فِي مَسْجِدِ الْخِيفِ، فَسَأَلَهُ رَجُلٌ عَنْ مَسْأَلَةٍ، فَأَفْتَاهُ، فَقَالَ الرَّجُلُ: قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ كَذَا وَكَذَا، فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: «أَخْطَأَ الْحَسَنُ»، فَجَاءَ رَجُلٌ مُغَطَّى الْوَجْهِ، فَقَالَ: يَا ابْنَ الْفَاعِلَةِ، تَقُولُ أَخْطَأَ الْحَسَنُ! فَهَمَّ النَّاسُ بِهِ، فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: «أَقُولُ أَخْطَأَ الْحَسَنُ وَأَصَابَ ابْنُ مَسْعُودٍ»
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مَلِيحِ بْنِ وَكِيَعٍ: نَا يَزِيدُ بْنُ كُمَيْتٍ، سَمِعْتُ أَبَا حَنِيفَةَ وَشَتَمَهُ رَجُلٌ وَاسْتَطَالَ عَلَيْهِ، وَقَالَ لَهُ: يَا كَافِرُ يَا زِنْدِيقُ، فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: «غَفَرَ اللَّهُ لَكَ، هُوَ يَعْلَمُ مِنِّي خِلافَ مَا تَقُولُ»
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْهَرَوِيُّ: سَمِعْتُ يَزِيدَ بْنَ هَارُونَ، يَقُولُ: «مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَحْلَمَ مِنْ أَبِي حَنِيفَةَ»
الْوَاقِدِيُّ: ثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ مَعْنٍ، قَالَ: أَخَذَ ابْنُ هُبَيْرَةَ أَبَا حَنِيفَةَ، فَأَرَادَهُ عَلَى وِلايَةِ الْقَضَاءِ، فَأَبَى فَحَبَسَهُ، فَقِيلَ لأَبِي حَنِيفَةَ: إِنَّهُ حَلَفَ أَنْ لا يُخْرِجَكَ حَتَّى تَلِيَ لَهُ، وَإِنَّهُ يُرِيدُ بِنَاءً، فَتَوَلَّ لَهُ عَدَّ اللَّبِنِ، فَقَالَ: «لَوْ سَأَلَنِي أَنْ أَعُدَّ لَهُ أَبْوَابَ الْمَسْجِدِ لَمْ أَفْعَلْ»
وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدِ بْنِ شَدَّادٍ: ثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو الرِّقِّيُّ، قَالَ: " ضَرَبَ ابْنُ هُبَيْرَةَ أَبَا حَنِيفَةَ عَلَى أَنْ يَلِيَ الْقَضَاءَ، فَأَبَى، فَقَالَ النَّاسُ: اسْتَتَابَهُ ".
وَذُكِرَ أَبُو حَنِيفَةَ عِنْدَ ابْنِ الْمُبَارَكِ، فَقَالَ: مَاذَا يُقَالَ فِي رَجُلٍ عُرِضَتْ عَلَيْهِ الدُّنْيَا وَالأَمْوَالَ، فَنَبَذَهَا، وَضُرِبَ بِالسِّيَاطِ فَصَبَرَ عَلَيْهَا، وَلَمْ يَدْخُلْ فِيمَا كَانَ غَيْرُهُ يَسْتَدْعِيهِ؟ !
1 / 25
مُحَمَّدُ بْنُ شُجَاعٍ الثَّلْجِيُّ: حَدَّثَنِي حِبَّانُ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ، قَالَ: قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ حِينَ ضُرِبَ لِيَلِيَ الْقَضَاءَ: «مَا أَصَابَنِي فِي ضَرْبِي شَيْءٌ أَشَدَّ عَلَيَّ مِنْ غَمِّ وَالِدَتِي، وَكَانَ بِهَا بَرًّا»
يَعْقُوَبُ بْنُ شَيْبَةَ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْمُبَارَكِ، نَا بِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ، قَالَ: " أَشْخَصَ الْمَنْصُورُ أَبَا حَنِيفَةَ، فَأَرَادَهُ عَلَى أَنْ يُوَلِّيَهُ، فَأَبَى فَحَلَفَ عَلَيْهِ لَيَفْعَلَنَّ وَحَلَفَ أَبُو حَنِيفَةَ أَنْ لا يَفْعَلَ، فَقَالَ الرَّبِيعُ الْحَاجِبُ: أَلا تَرَى أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ يَحْلِفُ؟ ! قَالَ: أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى كَفَّارَةِ أَيْمَانِهِ أَقْدَرُ مِنِّي، فَأَبَى أَنْ يَلِيَ، فَأَمَرَ بِهِ إِلَى السِّجْنِ، فَمَاتَ فِيهِ وَدُفِنَ فِي مَقَابِرِ الْخَيْزُرَانِ ".
رَوَاهَا يَعْقُوبُ بْنُ شَيْبَةَ، عَنْ بِشْرٍ، وَرَوَاهَا أَيْضًا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ الزُّهْرِيُّ الْكُوفِيُّ، عَنْ بِشْرٍ، فَزَادَ فِيهَا: فَسُجِنَ، ثُمَّ دَفَعَهُ إِلَى حُمَيْدٍ الطُّوسِيُّ شُرْطِيَّهُ، فَأَرَادَ أَنْ يُؤْذِيَهُ، فَقَالَ: يَا شَيْخُ إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ يَدْفَعُ إِلَيَّ الرَّجُلَ، وَيَقُولُ لِي: اقْتُلْهُ، أَوِ اقْطَعْهُ، أَوِ اضْرِبْهُ، وَلا عِلْمَ لِي بِقِصَّتِهِ؟ فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: هَلْ يَأْمُرُكَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ بِأَمْرٍ قَدْ وَجَبَ، أَوْ بِأَمْرٍ لَمْ يَجِبْ؟ قَالَ: بَلْ بِمَا قَدْ وَجَبَ، قَالَ: فَإِذَا أَمَرَكَ بِقَتْلٍ وَاجِبٍ، أَوْ ضَرْبٍ مُتَعَيِّنٍ فَبَادِرْ إِلَيْهِ، فَإِنَّكَ مَأْجُورٌ فِي ذَلِكَ.
يَحْيَى الْحِمَّانِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ يُضْرَبُ عَلَى أَنْ يَلِيَ الْقَضَاءَ فَيَأْبَى، وَلَقَدْ سَمِعْتُهُ يَبْكِي، وَقَالَ: أَبْكِي غَمًّا عَلَى وَالِدَتِي! وَعَنْ مُغِيثِ بْنِ بُدَيْلٍ، قَالَ: دَعَا أَبُو جَعْفَرٍ أَبَا حَنِيفَةَ إِلَى الْقَضَاءِ فَامْتَنَعَ، فَقَالَ: أَتَرْغَبُ عَمَّا نَحْنُ فِيهِ؟ فَقَالَ: لا أَصْلُحُ لِلْقَضَاءِ، قَالَ لَهُ: كَذَبْتَ، قَالَ: قَدْ حَكَمَ عَلَيَّ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَنِّي لا أَصْلُحُ، لأَنَّهُ نَسَبَنِي إِلَى الْكَذِبِ، فَإِنْ كُنْتُ كَاذِبًا فَلا أَصْلُحُ، وَإِنْ كُنْتُ صَادِقًا فَقَدْ أَخْبَرْتُكَ أَنِّي لا أَصْلُحُ، فَحَبَسَهُ
1 / 26
إِسْمَاعُيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ
سَمِعْتُ الرَّبِيعَ بْنَ يُونُسَ، يَقُولُ: " رَأَيْتُ الْمَنْصُورَ يُنَازِلُ أَبَا حَنِيفَةَ فِي أَمْرِ الْقَضَاءِ، فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا أَنَا بِمَأْمُونِ الرِّضَا، فَكَيْفَ أَكُونِ بِمَأْمُونِ الْغَضَبِ؟ فَلا أَصْلُحُ لِذَلِكَ، فَقَالَ: كَذَبْتَ أَنْتَ تَصْلُحُ، قَالَ: وَكَيْفَ يَحِلُّ لَكَ أَنْ تُوَلِّيَ مَنْ يَكْذِبُ "، قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْخَطِيبُ: وَقِيلَ إِنَّهُ وَلِيَ الْقَضَاءَ يَوْمَيْنِ وَلَمْ يَأْتِهِ فِيهِمَا أَحَدٌ، وَقَضَى فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ فِي قَضِيَّةٍ وَاحِدَةٍ، ثُمَّ اشْتَكَى سِتَّةَ أَيَّامٍ ثُمَّ مَاتَ، وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الصَّيْمَرِيُّ الْفَقِيهُ بِسَنَدٍ لَهُ: لَمْ يَقْبَلْ أَبُو حَنِيفَةَ الْعَهْدَ بِالْقَضَاءِ، فَضُرِبَ مِائَةَ سَوْطٍ وَحُبِسَ، وَمَاتَ فِي السِّجْنِ، كَذَا قَالَ، وَقِيلَ: حُمِلَتْ إِلَيْهِ عَشْرَةُ آلافٍ، فَوُضِعَتْ لَهُ فِي الدَّارِ، فَاغْتَمَّ وَلَمْ يَنْطِقْ وَمَكَثَتْ تِلْكَ الْبَدْرَةُ فِي مَكَانِهَا، فَلَمَّا مَاتَ أَبُو حَنِيفَةَ، حَمَلَهَا وَلَدُهُ حَمَّادٌ إِلَى الَّذِي جَاءَ بِهَا وَهُوَ الْحَسَنُ بْنُ قُحْطُبَةَ، فَقَالَ: هَذِهِ وَدِيعَتُكَ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ الْحَسَنُ، وَقَالَ: رَحِمَ اللَّهُ أَبَاكَ! لَقَدْ شَحَّ عَلَى دِينِهِ إِذْ شَحَّتْ بِهِ أَنْفُسُ أَقْوَامٍ.
وَيُرْوَى أَنَّ ابْنَ هُبَيْرَةَ لَمَّا بَلَغَهُ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ حَلَفَ أَنَّهُ لا يَتَوَلَّى الْقَضَاءَ، فَقَالَ: يُعَارِضُ يَمِينِي بِيَمِينِهِ؟ ! فَأَمَرَ بِهِ فَضُرِبَ عِشْرِينَ سَوْطًا عَلَى رَأْسِهِ، فَقَالَ: اذْكُرْ مَقَامَكَ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ، فَإِنَّهُ أَذَّلُ مِنْ مَقَامِي بَيْنَ يَدَيْكَ، فَلا تَهْدِرْ دَمِي فَإِنِّي، أَقُولُ: لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، فَأَوْمَأَ إِلَى الجَّلادِ أَمْسِكْ، فَأَصْبَحَ أَبُو حَنِيفَةَ فِي السِّجْنِ وَقَدِ انْتَفَخَ رَأْسُهُ وَوَجْهُهُ مِنَ الضَّرْبِ، قِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ "
1 / 27
مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَفَّانَ الْعَامِرِيُّ، ثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ حَمَّادٍ اللُّؤْلُئِيُّ، ثَنَا الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ اللُّؤْلُئِيُّ، سَمِعْتُ أَبَا يُوسُفَ، يَقُولُ: اجْتَمَعْنَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فِي يَوْمٍ مَطِيرٍ فِي نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ مِنْهُمْ: دَاوُدُ الطَّائِيُّ، وَالْقَاسِمُ بْنُ مَعْنٍ، وَعَافِيَةُ بْنُ يَزِيدَ، وَحَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، وَوَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ، وَمَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ، وَزُفَرُ، فَأَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ، وَقَالَ: " أَنْتَمْ مَسَارُّ قَلْبِي، وَجِلاءُ حُزْنِي، وَأَسْرَجْتُ لَكُمُ الْفِقْهَ وَأَلْجَمْتُهُ، وَقَدْ تَرَكْتُ النَّاسَ يَطَئُونَ أَعْقَابَكُمْ، وَيَلْتَمِسُونَ أَلْفَاظَكُمْ مَا مِنْكُمْ وَاحِدٌ إِلا وَهُوَ يَصْلُحُ لِلْقَضَاءِ، فَسَأَلْتُكُمْ بِاللَّهِ وَبِقَدْرِ مَا وَهَبَ اللَّهُ لَكُمْ مُنْ جَلالَةِ الْعِلْمِ مَا صُنْتُمُوهُ عَنْ ذَلِكَ الاسْتِئْجَارِ، وَإِنْ بُلِيَ أَحَدٌ مِنْكُمْ بِالْقَضَاءِ، فَعَلِمَ مِنْ نَفْسِهِ خَرِبَةً سَتَرَهَا اللَّهُ عَنِ الْعِبَادِ لَمْ يَجُزْ قَضَاؤُهُ، وَلَمْ يَطِبْ لَهُ رِزْقُهُ، فَإِنْ دَفَعَتْهُ ضَرُورَةٌ إِلَى الدُّخُولِ فِيهِ، فَلا يَحْتَجِبَنَّ عَنِ النَّاسِ، وَلْيُصَلِّ الْخَمْسَ فِي مَسْجِدِهِ، وَيُنَادِي عِنْدَ كُلِّ صَلاةٍ: مَنْ لَهُ حَاجَةٌ؟ فَإِذَا صَلَّى الْعِشَاءَ نَادَى ثَلاثَةَ أَصْوَاتٍ: مَنْ لَهُ حَاجَةٌ؟ ثُمَّ دَخَلَ إِلَى مَنْزِلِهِ، فَإِنْ مَرِضَ مَرَضًا لا يَسْتَطِيعُ الْجُلُوسَ مَعَهُ أَسْقَطَ مِنْ رِزْقِهِ بِقَدْرِ مَرَضِهِ، وَأَيَّمَا إِمَامٍ غَلَّ فَيْئًا أَوْ جَارَ فِي حُكْمٍ، بَطُلَتْ إِمَامَتُهُ وَلَمْ يَجُزْ حُكْمُهُ "
عَنِ الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ، قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، «إِذَا ارْتَشَى الْقَاضِي فَهُوَ مَعْزُولٌ، وَإِنْ لَمْ يُعْزَلْ»
1 / 28
ذِكْرُ مَنْ وَصَفَهُ بِالْفِقْهِ عَنِ الأَعْمَشِ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ مَسْأَلَةٍ، فَقَالَ: «إِنَّمَا يُحْسِنُ هَذِهِ النُّعْمَانُ بْنُ ثَابِتٍ الْخَزَّازُ، وَأَظُنُّهُ بُورِكَ لَهُ فِي عِلْمِهِ»
يُوسُفُ بْنُ مُوسَى، سَمِعْتُ جَرِيرًا، يَقُولُ: «كَانَ الأَعْمَشُ إِذَا سُئِلَ عَنِ الدَّقَائِقِ أَرْسَلَهُمْ إِلَى أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَدْ قَالَ مُغِيرَةْ لَهُ أَلا تَأْتِي أَبَا حَنِيفَةَ»
يَحْيَى بْنُ أَكْثُمَّ، عَنْ جَرِيرٍ، قَالَ: قَالَ لِي مُغِيرَةُ: «جَالِسْ أَبَا حَنِيفَةَ تَفَقَّهْ، فَإِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَوْ كَانَ حَيًّا لَجَالَسَهُ»
شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ، قَالَ: «كَانَ شُعْبَةُ حَسِنَ الرَّأْيِ فِي أَبِي حَنِيفَةَ كَثِيرَ التَّرَحُّمِ عَلَيْهِ»
عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، سَمِعْتُ مِسْعَرًا، يَقُولُ: «رَحِمَ اللَّهُ أَبَا حَنِيفَةَ إِنْ كَانَ لَفَقِيهًا عَالِمًا»
حُسَيْنٌ الْجُعْفِيُّ، سَمِعْتُ زَائِدَةَ بْنَ قُدَامَةَ، يَقُولُ: «النُّعْمَانُ بْنُ ثَابِتٍ فَقِيهُ الْبَدَنِ لَمْ يَعُدْ مَا أَدْرَكَ عَلَيْهِ أَهْلُ الْكُوفَةِ»
وَعَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ، قَالَ: «كَانَ النُّعْمَانُ بْنُ ثَابِتٍ أَفْقَهَ أَهْلِ زَمَانِهِ»
أَبُو نُعَيْمٍ، سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ صَالِحِ بْنِ حُيَيٍّ، يَقُولُ: «لَمَّا مَاتَ أَبُو حَنِيفَةَ، ذَهَبَ مُفْتِي الْعِرَاقِ وَفَقِيهُهَا»
بِشْرُ الْحَافِي، سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ دَاوُدَ الْخُرَيْبِيَّ، يَقُولُ: «إِذَا أَرَدْتَ الآثَارَ، فَسُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ، وَإِذَا أَرَدْتَ تِلْكَ الدَّقَائِقَ فأَبُو حَنِيفَةَ»
رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ جُرَيْجٍ، فَقِيلَ لَهُ: مَاتَ أَبُو حَنِيفَةَ، فَقَالَ: «﵀، لَقَدْ ذَهَبَ مَعَهُ عِلْمٌ كَثِيرٌ»
1 / 29
الْمُثَنَّى بْنُ رَجَاءٍ، سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ أَبِي عَرُوبَةَ، يَقُولُ: «كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ عَالِمَ الْعِرَاقِ»، قَالَ زَيْدُ بْنُ هَارُونَ: أَفْقَهُ مَنْ رَأَيْتُ أَبُو حَنِيفَةَ، وَعَنْ شَدَّادِ بْنِ حَكِيمٍ: " مَا رَأَيْتُ أَعْلَمَ مِنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي زَمَانِهِ.
الْحَلْوَانِيُّ، قُلْتُ لأَبِي عَاصِمٍ النَّبِيلِ: أَبُو حَنِيفَةَ أَفْقَهُ أَوْ سُفْيَانَ؟ فَقَالَ: أَبُو حَنِيفَةَ، عَبْدُ الرَّازِقِ، قَالَ: قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: إِنْ كَانَ الاحْتِيَاجُ إِلَى الرَّأْيِ فَهُوَ أَسَدُّهُمْ رَأْيًا، وَعَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ، قَالَ: لَوْلا أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَدْرَكَنِي بِأَبِي حَنِيفَةَ وَسُفْيَانَ لَكُنْتُ بِدْعِيًّا "
يَحْيَى بْنُ آدَمَ، سَمِعْتُ الْحَسَنَ بْنَ صَالِحٍ، يَقُولُ: «كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ فَهِمًا بِعِلْمِهِ مُتَثَبِّتًا فِيهِ، إِذَا صَحَّ عِنْدَهُ الْخَبَرُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ لَمْ يَعْدُهُ إِلَى غَيْرِهِ»
الْمُزَنِيُّ وَغَيْرُهُ، سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ، يَقُولُ: «النَّاسُ عِيَالٌ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ فِي الْفِقْهِ»
إِسْحَاقُ بْنُ بَهْلُولٍ، سَمِعْتُ ابْنَ عُيَيْنَةَ، يَقُولُ: «مَا مَقَلَتْ عَيْنِي مِثْلَ أَبِي حَنِيفَةَ»
إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمَرْوَزِيُّ الْخَلالُ، سَمِعْتُ ابْنَ الْمُبَارَكِ، يَقُولُ: «كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ آيَةً»
أَحْمَدُ بْنُ الصَّبَّاحِ، سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ، يَقُولُ: قِيلَ لِمَالِكٍ: هَلْ رَأَيْتَ
1 / 30
أَبَا حَنِيفَةَ؟ قَالَ: «نَعَمْ، رَأَيْتُ رَجُلًا لَوْ كَلَّمَكَ فِي هَذِهِ السَّارِيَةِ أَنْ يَجْعَلَهَا ذَهَبًا لَقَامَ بِحُجَّتِهِ»
أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُغَلِّسٍ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ، سَمِعْتُ ابْنَ الْمُبَارَكِ، يَقُولُ: «إِنْ كَانَ الأَثَرُ قَدْ عُرِفَ وَاحْتِيجَ إِلَى الرَّأْيِ، فَرَأْيُ مَالِكٍ وَسُفْيَانَ، وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَأَبُو حَنِيفَةَ أَحْسَنُهُمْ وَأَدَقُّهُمْ فِطْنَةً وَأَغْوَصُهُمْ عَلَى الْفِقْهِ وَهُوَ أَفْقَهُ الثَّلاثَةِ»
سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ، سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّازِقِ، سَمِعْتُ ابْنَ الْمُبَارَكِ، يَقُولُ: «إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَقُولَ بِرَأْيِهِ، فَأَبُو حَنِيفَةَ»
1 / 31
وَقَالَ حِبَّانُ بْنُ مُوسَى: سُئِلَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: " أَمَالِكٌ أَفْقَهُ أَمْ أَبُو حَنِيفَةَ؟، فَقَالَ: أَبُو حَنِيفَةَ "
بِشْرُ الْحَافِي، قَالَ: قَالَ الْخُرَيْبِيُّ: «مَا يَقَعُ فِي أَبِي حَنِيفَةَ إِلا جَاهِلٌ أَوْ حَاسِدٌ»
أَبُو مُسْلِمٍ الْكَجِّيُّ، عَنْ مُحَمِّدِ بْنِ سَعْدٍ الْكَاتِبِ، عَنِ الْخُرَيْبِيِّ، أَنَّهُ قَالَ: «يَجِبُ عَلَى أَهْلِ الإِسْلامِ أَنْ يَدْعُوا اللَّهَ لأَبِي حَنِيفَةَ فِي صَلاتِهِمْ»
وَعَنْ مَكِّيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: «كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ أَعْلَمَ أَهْلِ زَمَانِهِ»
يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدَ الْقَطَّانِ، يَقُولُ: «لا نَكْذِبُ اللَّهَ مَا سَمِعْنَا أَحْسَنَ مِنْ رَأْيِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَدْ أَخَذْنَا بِأَكْثَرِ أَقْوَالِهِ»
يَحْيَى بْنُ أَبِي طَالِبٍ، سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ عَاصِمٍ، يَقُولُ: «لَوْ وُزِنَ عِلْمُ أَبِي حَنِيفَةَ بِعِلْمِ أَهْلِ زَمَانِهِ لَرَجِحَ»
طَلْقُ بْنُ غَنَّامٍ النَّخَعِيُّ، سَمِعْتُ حَفْصَ بْنَ غِيَاثٍ، يَقُولُ: «كَلامُ أَبِي حَنِيفَةَ أَدَقُّ مِنَ الشَّعْرِ لا يَعِيبُهُ إِلا جَاهِلٌ»
الْحُمَيْدِيُّ، سَمِعْتُ سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ، يَقُولُ: " شَيْئَانِ مَا ظَنَنْتُهُمَا أَنْ يَتَجَاوَزَا قَنْطَرَةَ الْكُوفَةِ: قِرَاءَةُ حَمْزَةَ، وَرَأْيُ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَدْ بَلَغَا الآفَاقَ "
وَمِنْ قَوْلِهِ فِي الرَّأْيِ
نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ، سَمِعْتُ أَبَا عِصْمَةَ وَهُوَ نُوحٌ الْجَامِعُ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا حَنِيفَةَ، يَقُولُ: «مَا جَاءَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَعَلَى الرَّأْسِ
1 / 32