ولكن ماذا بعد الزواج؟ إن هذا الزوج يقول: عندما أترك العمل وأرتاح ... فإذا جاء هذا الوقت المؤمل وترك العمل وارتاح، نظر خلفه فإذا به يرى هذا الفضاء الذي قطعه وكأن ريحا عاتية قد اكتسحته، وكأن هذا العمر قد ولى وفات، ثم يعرف بعد ذلك؛ أي: بعد فوات الفرصة، أننا إنما نحيا بأن نعيش في فسيح اليوم والساعة اللذان يمران بنا.» أو كما يقول الشاعر العربي:
ما مضى فات والمؤمل غيب
ولك الساعة التي أنت فيها
وحكمة هذا القول تتضح عندما نتأمل الكثيرين وهم يجترون المحن الماضية، ويخشون الكوارث القادمة، وكأن هذا اليوم الذي يقف بين الماضي والمستقبل ليس له قيمة عندهم، مع أنه يجب أن تكون له أكبر القيمة.
يجب أن نعيش في يومنا وننسى الماضي، ونؤدي عملنا، وحسبنا ذلك، أما المستقبل فإنه يكون مكفولا لنا إذا أحسنا نحن عمل هذا اليوم، وليس هناك ما يمنع من أن نفكر فيه تفكير السكينة والاتزان، ولكن يجب ألا نقلق بشأنه؛ لأن هذا القلق لن يغير ما سوف يحدث فيه، ولكنه سيمنعنا من أن نؤدي عمل اليوم، واليوم هو فرصة استمتاعنا بالحياة، وأخيب الناس هم أولئك الذين يرتهنون شبابهم لشيخوختهم، فيعملون جاهدين لهذا المستقبل البعيد، ويحرمون أنفسهم عيش الشباب، فإذا جاءت الشيخوخة عدموا القدرة على الاستماع، فلم يبق لهم سوى الندم فكأنهم لم يعيشوا.
الفصل السبعون
لا حياة بلا شجاعة
من قصص الحياة التي تحمل عبرة كبيرة لكل شاب، قصة المستر هاني، وهو رجل أمريكي كان يشكو قرحة معوية استعصى علاجها، وقد عالجه ثلاثة من الأطباء يئسوا من شفائه حتى طلب أحدهم منه أن يكتب وصيته وأن يترك عمله؛ لأن الموت قريب.
ولكن هذا المستر هاني كان يمتاز بالشجاعة، وهي فضيلة تعلو على جميع الفضائل البشرية، فإنه تساءل: «مادام لم يبق لي غير القليل من الأيام كي أعيش، فإني يجب على الأقل أن أستمتع بهذا القليل، وقد كنت أشتهي السياحة حول العالم قبل أن أموت، وها هي ذي الفرصة تسنح لي الآن فيجب أن أنتهزها.».
ولكن أطباءه أنذروه بأنه إذا غادر البلاد فإنه سيموت ويدفن في البحر، وكذلك أنذرته عائلته، وحاولت أن تكفه، ولكنه أبى أن ينصاع.
صفحة غير معروفة