طريق الهجرتين - دار ابن القيم
محقق
محمد أجمل الإصلاحي
الناشر
دار عطاءات العلم (الرياض)
رقم الإصدار
الرابعة
سنة النشر
١٤٤٠ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)
مكان النشر
دار ابن حزم (بيروت)
تصانيف
التصوف
سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا (٨٢)﴾ [مريم/ ٨١، ٨٢].
وقال تعالى: ﴿وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لَعَلَّهُمْ يُنْصَرُونَ (٧٤) لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ وَهُمْ لَهُمْ جُنْدٌ مُحْضَرُونَ (٧٥)﴾ [يس: ٧٤، ٧٥].
وقال تعالى عن إمام الحنفاء إنَّه قال للمشركين: ﴿إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا﴾ [العنكبوت/ ٢٥].
ولمَّا كان غايةُ صلاحِ العبدِ في عبادة اللَّه وحدَه، واستعانته به (^١) وحده كان في عبادة غيره والاستعانة بغيره غايةُ مضرته.
وممَّا يوضح الأمرَ في ذلك ويبينه أنَّ اللَّه سبحانه غني حميد، كريم رحيم، فهو محسِن إلى عبده مع غناه عنه، يريد به الخير ويكشف عنه الضر، لا لجلب منفعةٍ إليه سبحانه ولا لدفع مضرَّة، بل رحمةً وإحسانًا وجودًا محضًا. فإنه رحيم لذاته، محسن لذاته، جواد لذاته، كريم لذاته؛ كما أنَّهُ غني لذاته، قادر لذاته، حيٌّ لذاته. فإحسانه وجوده وبرّه ورحمته من لوازم ذاته، لا يكون إلا كذلك، كما أنَّ حياته (^٢) وقدرته وغناه من لوازم ذاته، فلا يكون إلا كذلك.
وأما العباد فلا يتصوَّر أن يُحسِنوا إلا لحظوظهم، فأكثرُ ما عندهم للعبد أن يحبوه، ويعنهموه، ويجلبوا (^٣) له منفعةً، ويدفعوا عنه مضرَّة. وذلك من تيسير اللَّه وإذنه لهم به، فهو في الحقيقة وليّ هذه
(^١) "به" ساقط من "ن، ك، ط".
(^٢) "حياته و" ساقط من "ك، ط".
(^٣) "ك": "يجلبوا"، ط: "ليجلبوا".
1 / 128