طريق الهجرتين - دار ابن القيم

ابن القيم الجوزية ت. 751 هجري
107

طريق الهجرتين - دار ابن القيم

محقق

محمد أجمل الإصلاحي

الناشر

دار عطاءات العلم (الرياض)

رقم الإصدار

الرابعة

سنة النشر

١٤٤٠ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)

مكان النشر

دار ابن حزم (بيروت)

تصانيف

التصوف
إليه، وطلبًا لمرضاته؟ أم يكون البذل والإمساك منهم صادرًا عن مراد النفس، وغلبة الهوى، وموجب الطبع، فيعطي لهواه ويمنع لهواه؟ فيكون متصرّفًا تصرّف المالك لا المملوك، فيكون مصدرُ تصرّفه الهوى ومرادَ النفس، وغايتُه الرغبةَ فيما عند الخلق من جاه أو رفعة أو منزلة أو مدح أو حظ من الحظوظ، أو الرهبةَ من فوت شيء من هذه الأشياءِ. وإذا كان مصدر تصرّفه وغايته هو هذه الرغبة والرهبة رأى نفسه لا محالة مالكًا، فادعى الملكة (^١)، وخرج عن حدّ العبوديّة، ونسي فقره. ولو عرف نفسه حقّ المعرفة لعلم أنما هو مملوك ممتحَن في صورة مالك (^٢) متصرّف، كما قال تعالى: ﴿ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ (١٤)﴾ [يونس/ ١٤]. وحقيق بهذا الممتحَن أن يُوكَل إلى ما ادّعته نفسه من الحالات والملكات مع المالك الحقّ سبحانه، فإنّ من ادّعى لنفسه حالةً مع اللَّه وُكِلَ إليها. ومن وُكِل إلى شيء غير اللَّه فقد أتيح (^٣) له بابُ الهلاك والعطَب، وأغلق عنه بابُ الفوز والسعادة؛ فإنّ كل شيء ما سوى اللَّه باطل، ومن وُكِلَ إلى الباطل بطل عمله، وضل سعيه، ولم يحصل إلّا على الحرمان. فكلّ من تعلّق بشيء غير اللَّه (^٤) انقطع به أحوجَ ما كان إليه، كما قال تعالى: ﴿إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ

(^١) "ك، ط": "الملك". (^٢) "ك، ط": "ملِك". (^٣) "ك، ط": "فتح". (^٤) "ك، ط": "تعلق بغير اللَّه".

1 / 21