طريق الهداية مبادئ ومقدمات علم التوحيد عند أهل السنة والجماعة
الناشر
حقوق الطبع محفوظة للمؤلف
رقم الإصدار
الثانية ١٤٢٧هـ
سنة النشر
٢٠٠٦م
تصانيف
وهذا معلم أصيل من معالم أصحاب الصراط السوي، ألا وهو اقتداء الآخر بالأول، واللاحق بالسابق، من أهل النجاة والسلامة والإحسان.
ولذا عبر بعض العلماء عن معنى الجماعة في الأحاديث، فقال: "هم الصحابة ومن تبعهم بإحسان"، كما قرر ذلك الشاطبي في أول كتابه الاعتصام، حيث قال: "الجماعة ما كان عليه النبي ﷺ وأصحابه والتابعون لهم بإحسان"١.
ومعنى القدوة في الصحابة أكده ابن مسعود ﵁ حين قال: "من كان منكم مستنا فيستن بمن قد مات، فإن الحي لا تؤمن عليه الفتنة، أولئك أصحاب محد ﷺ، كانوا أفضل هذه الأمة، أبرها قلوبا، وأعمقها علما، وأقلها تكلفا، قوم اختارهم الله لصحبة نبيه وإقامة دينه، فاعرفوا لهم فضلهم، واتبعوهم في آثارهم، وتمسكوا بما استطعتم من أخلاقهم ودينهم، فإنهم كانوا على الهدي المستقيم"٢.
وعلى هذا درج الصالحون من أسلافنا المباركين، يوصون بهذه الوصية الجامعة لخير الدنيا والآخرة.
فهذا ابن المبارك ﵀ يسأل عن الجماعة: من هم؟ فيقول: "أبو بكر وعمر" إشارة منه بأنهم القدوة لغيرهم من الأمة علما وعملا، وأنهم أفضل الأمة بعد نبيها ﷺ باتفاق، فيقال له: "قد مات أبو بكر وعمر"، فيقول: "فلان وفلان"، فيقال له: "قد مات فلان وفلان"، فقال ابن المبارك: "أبو حمزة السكري جماعة"، فوصف رجلا دينا عالما تتمثل فيه القدوة لأهل زمانه، وهذا المسلك في البيان عن الجماعة من ابن المبارك من قبيل إفراد فرد من العام بالذكر،
_________
١ الاعتصام للشاطبي "١/ ٢٨".
٢ جامع بيان العلم وفضله لابن عبد البر "٢/ ٩٧"، وانظر: ذم التأويل لابن قدامة "ص/ ٣٢"، وتحريم النظر في كتب الكلام له أيضًا ص٤٤.
1 / 68