202

طريق الهداية مبادئ ومقدمات علم التوحيد عند أهل السنة والجماعة

الناشر

حقوق الطبع محفوظة للمؤلف

رقم الإصدار

الثانية ١٤٢٧هـ

سنة النشر

٢٠٠٦م

تصانيف

يعني أن النصوص لا يعارضه دليل عقلي صحيح، وأما أنها لا تدرك بالعقول فإن نفس الغريزة العقلية التي تكون للشخص قد تعجز عن إدراك كثير من الأمور لا سيما الغائبات، فمن رام بعقل نفسه أن يدرك كل شيء كان جاهلًا، لا سيما إذا طعن في الطرق السمعية النبوية الخبرية، وهذا هو الذي يسلكه من يسلكه من الفلاسفة، ومن يشبههم من أهل الكلام"١. وقال ابن القيم ﵀: "الرسل صلوات الله وسلامه عليهم لم يخبروا بما تحيله العقول وتقطع باستحالته؛ بل أخبارهم قسمان: أحدهما ما تشهد به العقول والفطر. الثاني: ما لا تدركه العقول بمجردها كالغيوب التي أخبروا بها عن تفاصيل البرزخ واليوم الآخر، وتفاصيل الثواب والعقاب، ولا يكون خبرهم محالًا في العقول أصلًا، وكل خبر يظن أن العقل يحيله، فلا يخلو من أحد أمرين: إما يكون الخبر كذبًا عليهم، أو يكون ذلك العقل فاسدًا، وهو شبهة خيالية يظن صاحبها أنها معقول صريح، قال تعالى: ﴿وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ﴾ [سبأ: ٦]، وقال تعالى: ﴿أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى﴾ [الرعد: ١٩] "٢. وإذا كان الإيمان بالغيب من خصائص المؤمنين بصفة عامة، فإن أهل السنة تميزوا في هذا الباب بقبول كل ما ورد على لسان الرسل الكرام من أمور الغيب إيمانًا وتصديقًا وإيقانًا، وتجنبًا للشبهات والشكوك الناشئة عن إقحام العقول في مجال غير مجالها. قال شيخ الإسلام ابن تيمية ﵀: "والإيمان بالغيب لا يتم إلا بالإيمان بجميع ما أنزله الله ﵎"٣.

١ درء تعارض العقل والنقل لابن تيمية "٧/ ٣٢٦". ٢ الروح لابن القيم ص٦٢. ٣ الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح لابن تيمية ص١٣٧.

1 / 219