الله فلما سمع جواب الإمام رجع عن فكرته ، ووطن نفسه على الصبر حتى النهاية ، وكان يريد نقل حرمه وأولاده إلى الحضن فلما قتل ابن بسطام نهاه الإمام عن ذلك وقال له انه مما يوهن أمره ويطمع عدوه فيه ، وأمره ان يترك عائلته في الدار التي كانوا فيها ، وقال له ان بني الحرث ان أرادت الحرب عليك فإنما يقصدون هذه الدار اي التي كان فيها الإمام الهادي عليه السلام.
* رجوع الإمام إلى صعدة وقتل عامله على نجران
تحرك الإمام من نجران في شهر ذي الحجة من سنة 295 ، وترك من الجند ثلاثة وعشرين فارسا وخمسة وخمسين راجلا بمعية عامله لإخضاع من تحدثه نفسه بالتمرد ، وقد أخذ العهود والمواثيق من بني عبد المدان على السمع والطاعة لعامله ليقضي الله أمرا كان مفعولا.
ولما انقضت ايام عيد الأضحى ثار ابن حميد ومعه بنو الحرث ، وكان عند علي بن محمد أولاده الثلاثة علي وجعفر والقاسم ، فأمرهم بالمصير إلى الحضن (1) فكرهوا فراقه ، وسألوه ان يخرج معهم فانهم لا يثقون ببني عبد المدان عليه ولا عليهم فلم يصغ إلى مقترحهم ، وقال : انه قد أخذ عليهم العهود والمواثيق وهو يرجو الا يغدروا به :
والمرتجون من ابن الشر خيرهم
كمن يؤلف بين الذئب والضان
واقسم انه لا يخرج من القرية وفيه عرق ينبض بالحياة ، وأبت له نفسه العالية وشجاعته العلوية إلا الثبات والدفاع عن الحق إلى آخر نفس من انفاس الحياة.
وقد صدقت فراسة أولاده في بني عبد المدان ، فإنهم لما جد الجد وحزبت الحوازب مالؤا العدو عليه ونسوا كل عهد واستخفوا بكل ميثاق فقد
صفحة ١٣٧