عبد الستار أفندي: كوميدي مصرية أخلاقية في أربعة فصول. (9) محمود بك تيمور
ولد بالقاهرة سنة 1894 ميلادية، وتعلم بالمدارس الأميرية. وقد كان للعوامل الآتية تأثير كبير في تكوينه كاتبا:
فوالده أورثه حب الأدب، وحببه في المطالعة والتأليف. وشقيقه محمد هذب فيه ذلك الحب وأذكاه. وبعض الحوادث التي وقعت له. ثم مطالعاته الخاصة هي التي وجهته في الحياة تلك الوجهة التي ينتهجها الآن في حياته الأدبية.
ورث محمود حب الأدب والمطالعة عن والده، وكذا الغرام بجمع الكتب. ولما توفيت والدته انتقل والده إلى «عين شمس» فقضى بها محمود أطيب أيام صباه. وكان لوالده هناك مجالس علم عظيمة مع الشيخ محمد عبده، والشيخ الشنقيطي الكبير وغيرهما من كبار العلماء؛ فعاش في ذلك الجو وقتا غير قليل، مستمتعا بأحاديث الإمام، معجبا بفصاحة الشنقيطي.
ولقد أدرك عمته السيدة عائشة التيمورية الشاعرة في أخريات حياتها، فلما اشتد عوده واستطاع أن يتذوق الشعر ويتفهمه قرأ الكثير من شعرها وحفظ مرثيتها لابنتها، وكان إعجابه بشعرها كبيرا.
وقد زكا ميله إلى المطالعة؛ فأقبل على الروايات يشبع منها رغبته، وخصوصا «ألف ليلة وليلة» التي قد تكون من أهم البواعث في اتجاهه القصصي فيما بعد.
وقد كان العصر الذي يعيش فيه إذ ذاك تتسلط عليه المحافظة فاتبع الكتاب طرائق السلف الصالح في الفكرة وأسلوبهم في التعبير، ولم تكن الكتابة غالبا إلا مدحا للخلافة وتعلقا بها؛ فلم يكن من أحد يفكر في قومية أو وطنية إلا ما يقال أحيانا عن الإمبراطورية العربية القديمة.
ولما اتسعت البعثات إلى أوروبا وجدت نهضة جديدة تدعو إلى التجديد في اللغة والأدب والاجتماع والسياسة والدين، ولكنها قوبلت بالاستنكار؛ فكان زعماؤها سعد ومحمد عبده وقاسم أمين ثم لطفي السيد وتلاميذه.
ولما تهذب ذوقه في المطالعة أقبل بشغف على قراءة مؤلفات المنفلوطي؛ فكانت نزعته «الرومانتيكية» الحلوة تملك عليه مشاعره، وأسلوبه السلس يسحره. وتفرغ للمطالعة وأشبع ميله إليها؛ حيث إن أخاه «إسماعيل» قد اضطلع بزعامة الأسرة وما يتبع ذلك من اتجاه إلى المحافظة على التقاليد العائلية وما تستلزمه من رسميات. وكان نصيب الشعر كثيرا في مطالعاته - الشعر بنوعيه العربي والإفرنجي وخاصة شعر المعاصرين - وكان يفضل ما هو خيالي مغرق في الخيال.
وقد استهوته المدرسة الأميركية التي تزعمها «جبران» ورفاقه بالمهجر؛ فقرأ «الأجنحة المتكسرة»، وتأثرت به أولى كتاباته، وجلها من الشعر المنثور ذي النزعة «الرومانتيكية». وقد قرأ «محمود» في مجلة «الفنون» لجبران وجماعته لونا جديدا من الأدب خارجا عن نطاق التقليد في الفكرة والقالب. وقد كان للقصة نصيب كبير في هذا الأدب «المتأمرك»، وهي حتى ذلك العهد بضاعة تكاد تكون غريبة عنا.
صفحة غير معروفة