وأنت بكر ولقيت بكرا
وافيتها بنت عظيم قدرا
بنت امرئ قد أشاد ذكرا
فعجبت من قولها، فقلت: يا خالة، ما تقولين؟ فقالت: يا عثمان:
لك المال ولك اللسان
هذا نبي معه البرهان
أرسله بحقه الديان
فاتبعه لا تغتالك الأوثان
فقلت: يا خالة، إنك لتذكرين شيئا ما وقع ذكره في بلدنا فأبينيه لي، قالت: محمد بن عبد الله، رسول من عند الله، جاء بتنزيل الله، يدعو إلى الله، ثم قالت: مصباحه مصباح، ودينه فلاح، وأمره نجاح، وقرنه نطاح، ذلت له البطاح، ما ينفع الصياح، لو وقع الدباح، وسلت الصفاح، ومدت الرماح.
فانصرفت، ووقع كلامها في قلبي، فجعلت أفكر فيه، وكان لي مجلس عند أبي بكر فأتيته، فأصبته في مجلس ليس عنده أحد، فجلست إليه فرآني مفكرا، فسألني عن أمري، وكان رجلا متأنيا، فأخبرته بما سمعت من خالتي، فقال: ويحك يا عثمان! إنك لرجل حازم، ما يخفى عليك الحق من الباطل، ما هذه الأوثان التي يعبدها قومنا؟ أليست من حجارة صم لا تسمع ولا تبصر؟! قلت: بلى والله إنها كذاك، فقال: والله لقد صدقت خالتك، هذا رسول الله محمد بن عبد الله، قد بعثه الله برسالته إلى خلقه، فهل لك أن تأتيه فتسمع منه؟ قلت: بلى، فوالله ما كان أسرع من أن مر رسول الله
صفحة غير معروفة