فأجاب كل الأنصار الدعوة وقالوا أن قد وفقت في الرأي وأصبت في القول، ولن نعدو ما رأيت، نوليك هذا الأمر؛ فإنك فينا مقنع ولصالح المؤمنين رضي. ثم إنهم ترادوا الكلام بينهم،
2
وطال جدل القوم في الأمر حتى قال بعضهم: نقول للمهاجرين: منا أمير ومنكم أمير.
فلما دخل أبو بكر وصاحباه عليهم أخذ يتكلم، فلم يترك شيئا نزل في الأنصار أو ذكره النبي
صلى الله عليه وسلم
من شأنهم إلا وذكره، ثم قال: «لقد علمتم أن رسول الله قال: لو سلك الناس واديا وسلكت الأنصار واديا سلكت وادي الأنصار»، ولقد علمت يا سعد أن رسول الله قال وأنت قاعد: قريش ولاة هذا الأمر، فبر الناس تبع لبرهم، وفاجرهم تبع لفاجرهم.
3
فقام خزيمة بن ثابت ذو الشهادتين فقال: يا معشر الأنصار، إن تقدموا قريشا اليوم يقدموكم إلى الخير يوم القيامة، فأنتم الأنصار وفيكم كتاب الأمر وإليكم الهجرة وفيكم أمر رسول الله، فاطلبوا رجلا تهابه قريش وتأمنه الأنصار، فقال الأنصار: ومن ذلك؟ فقال: سعد بن عبادة، فقالوا: فسعدا نريد.
ثم قام أسيد بن حصين الأوسي، وهو يومئذ من أثبات الأنصار وأهل الطاعة فيهم، فقال: يا معشر الأنصار، إنه قد عظمت نعمة الله عليكم أن سماكم الأنصار، وجعل فيكم الهجرة، وقبض فيكم رسول الله
صلى الله عليه وسلم ، واجعلوا ذلك شكرا، فإن هذا الأمر في قريش دونكم ، فمن قدموه فقدموه، ومن أخروه فأخروه، فشتم الرجل واضطر أن يلحق بالمهاجرين.
صفحة غير معروفة