وقد زوجه الرسول
صلى الله عليه وسلم
ابنته فاطمة عليها السلام في السنة الثانية من الهجرة، فولد له منها: الحسن، والحسين، وزينب الكبرى، وأم كلثوم (رضي الله عنهم).
وناب عن الرسول في قراءة أوائل سورة التوبة في موسم الحج إيذانا ببراءة الله ورسوله من المشركين، ولما توفي رسول الله وبويع أبو بكر، بايعه علي مع أنه كان يرى لنفسه حق الخلافة عن رسول الله لشدة قرابته منه، ولكنه كره انقسام المسلمين وتفريق كلمتهم.
ولما ولي عمر بايعه كذلك وزوجه ابنته، وكان عمر كثيرا ما يستخلفه على المدينة إذا ما غاب عنها، ولما أحس عمر بدنو أجله - على ما أسلفناه - كان يحب أن يخلف عليا عليه السلام لما يعهده فيه من الحنكة والإخلاص وقوة الشكيمة، ولكنه لم يفعل ذلك؛ لأنه خشي فيما يظهر أن يفرض على المسلمين رأيه، وليته فعل، وإنما ترك للمسلمين أنفسهم يختارون من يشاءون لخلافة رسول الله، ووكل هذا الأمر إلى جماعة من أشراف المسلمين وعقلائهم، وبعد اجتماع هؤلاء وتداولهم في الأمر قر رأيهم على انتخاب عثمان بن عفان كما سبق تفصيله فيما سلف.
وفي أيام عثمان ظهرت الاضطرابات السياسية، وقام الثوار على عثمان؛ لأنه عزل معظم العمال الذين كان عمر قد ولاهم واستعاض عنهم بعمال من أقربائه وعشيرته، وكان الإمام علي عليه السلام كثيرا ما يشير على عثمان ويرشده إلى سبيل الخير وطرق الصلاح ما استطاع إلى ذلك سبيلا، ولكنه لم يسمع منه، فانصرف الإمام علي إلى تثقيف جمهور المسلمين هو وابن عمه عبد الله بن عباس، فكانا يقومان بوعظ الناس وتحليق الحلقات العلمية والدينية والأدبية، ولعل هذا هو أول نواة للحركة العلمية المنظمة في الإسلام على ما سنبينه فيما بعد.
ولما حم القضاء وقتل عثمان شهيدا دعا المسلمون الإمام عليا إلى أن يلي الخلافة، فكره ذلك أول الأمر لما رأى من اضطراب الأمة وانتشار روح الفوضى والفتنة بين صفوفها، ولكنه عاد فرضي بذلك في اليوم الخامس والعشرين من شهر ذي الحجة سنة 53ه.
وقد نقل المؤرخ الهندي الثقة السيد أمير علي عن المؤرخ الفرنسي سديو أنه قال: يخيل للمرء حينما بويع الإمام علي بن أبي طالب أن الكل سيطأطئ هامته أمام هذه العظمة المتلألئة النقية، غير أنه قد كان قدر غير ذلك،
1
وقد علق السيد أمير علي على هذا الكلام بقوله: «فلقد أحاط به في بادئ الأمر أعداء بني أمية، ولكنه لم يحتط للدسائس، وأبى أن يقر عمال عثمان مدفوعا بشرف الغاية التي كانت من أبرز مميزاته، وبرغم النصائح التي أسديت إليه لمسايرة الظروف فقد انتزع الأملاك التي أقطعها عثمان لأتباعه من بيت المال، وقسم الخراج طبقا للقواعد التي سنها عمر، فجلبت عليه هذه الإجراءات الحازمة سخط من أثروا في العهد السابق، وقد تنازل بعض العمال عن مناصبهم دون مقاومة، بينما رفض آخرون النزول على أمر الخليفة الجديد، ومن بينهم معاوية بن أبي سفيان.»
صفحة غير معروفة