1
وقد شهد عبد الله وقعة اليرموك مع أبيه، وشهد فتح إفريقيا، وكان البشير بالفتح إلى عثمان بن عفان، وشهد يوم الدار، وكان مدافعا عن عثمان، وشهد الجمل مع خالته عائشة وكان على الرجالة، وجرح وأخذ من بين القتلى وفيه بضعة وأربعون جرحا، وأعطت عائشة البشير الذي بشرها بحياته عشرة آلاف. ولما وقعت الفتنة بين علي ومعاوية اعتزل. وأول ما نسمع به بعد ذلك في الجيش الذي بعثه معاوية لغزو القسطنطينية سنة 50 مع ابنه يزيد، وكان معاوية يلمح في ابن الزبير مطامحه فيترضاه ويغدق عليه، وقد رأينا أنه امتنع من مبايعة يزيد، وعاذ بالكعبة، وسمى نفسه عائذ فلما كانت وقعة الحرة وفتك أهل الشام بأهل المدينة، ثم اتجهوا إلى مكة قاتلهم ابن الزبير، ولما جاء نعي يزيد وانخذل الشاميون، بايع أهل الحجاز عبد الله بن الزبير بالخلافة، وانضم إليهم أهل مصر، وأكثر أهل الشام والعراق كما رأينا في عهد مروان بن الحكم، فلما مات مروان وخلفه ابنه عبد الملك، جرت بين الاثنين أمور نجملها فيما يأتي: (2) خلافته
كان عبد الله يطمع في الخلافة منذ زمن مبكر، يرجع إلى أيام فتنة عثمان الذي استخلفه على داره، فكان عبد الله يرى في ذلك تقديما له على الآخرين. قال ابن عبد ربه: كان عثمان استخلف عبد الله بن الزبير على الدار يوم الدار، فبذلك ادعى ابن الزبير الخلافة.
2
ثم إن تأمير النبي
صلى الله عليه وسلم
جده أبا بكر للصلاة بالمسلمين قد قوى في نفسه ذلك الأمر. ولقد لعب دورا هاما في الفتنة بين علي ومعاوية، حتى قال علي للزبير: لقد كنا نعدك من بني عبد المطلب حتى بلغ ابنك ابن السوء ففرق بيننا (ابن الأثير 3: 202)، ولما وقعت الفتنة بين علي وعائشة، كان لعبد الله النصيب الأوفر فيها، ثم لما وقعت الفتنة بين الحسين ويزيد، شجع الحسين على ترك الحجاز للاستقلال بها كما رأينا، وكانت خالته عائشة الصديقة تحبه وتدعو الناس إليه.
3
ولما مات معاوية وتخلف الحسين وابن الزبير عن مبايعة يزيد، كان الحسين منافسه الأقوى، فلما قذف به إلى العراق حيث قضي عليه، لم يبق له منافس سوى محمد ابن الحنفية، فلما بايع ابن الحنفية يزيد خلا الجو لابن الزبير، فأخذ يدعو لنفسه، ويعمل على تقوية حزبه في الحجاز وخارجه، وتمكن ابن الزبير أن يؤلب الناس على الأمويين مستغلا ما قام به الأمويون من أعمال منافية للإسلام، كتحويلهم الخلافة إلى ملك عضوض، وكمعاملة ولاتهم الناس بالقسوة والعنف، وكقتل الحسين وغزو الحرمين.
4
صفحة غير معروفة