ويظهر أن المسجد النبوي لم يكن له محراب، فإني لم أعثر على أحد أشار إلى ذلك، وإنما ذكر السيوطي أن عمر بن عبد العزيز هو أول من أوجد المحراب المجوف حينما بنى المسجد النبوي، ونقل ذلك عن الواقدي.
19
والمحراب كلمة عربية قديمة تطلق على صدر البيت، ومنها أخذت لصدر المسجد، وقيل: إن أصله محرام (من الإحرام) ثم أبدلت الميم الثانية باء. وقيل: إن الكلمة عبرية، ومحاريب اليهود هي كنائسهم. قال المجد الفيروزآبادي في القاموس: المحراب الغرفة، وصدر البيت، ومقام الإمام من المسجد، والموضع ينفرد به الملك فيتباعد عن الناس، ومحاريب بني إسرائيل مساجدهم التي كانوا يجلسون بها. أما المئذنة أو المنارة، فلم يذكر أحد من المؤرخين أنها كانت مبنية في عهد الرسول، وإنما ذكروا أن امرأة من بني النجار قالت: كان بيتي أطول بيت حذاء المسجد، وكان بلال يؤذن عليه الفجر كل غداة، فيأتي بسحر فيجلس على البيت ينتظر الفجر، فإذا رآه تمطى ثم قال: اللهم أحمدك وأستعينك على قريش أن يقيموا دينك، ثم يؤذن. وذكر أهل السير أن بلالا كان يؤذن على أسطوان في قبلة المسجد، يرقى إليها بأقتاب فيها، وكانت خارجة من المسجد.
20
وفي أسد الغابة: أن النوار أم زيد بن ثابت هي التي قالت: إن بيتي كان أطول بيت حول المسجد الحرام، فكان بلال يؤذن فوقه من أول ما أذن إلى أن بنى رسول الله مسجده، فكان يؤذن بعد على ظهر المسجد وقد رفع له شيء فوق ظهره.
21
وقيل إن بلالا كان يؤذن من دار حفصة بنت عمر قرب المسجد.
22
وقال الكتاني: لم يكن منار في زمانه
صلى الله عليه وسلم ، وإنما هو من سنة الصحابة، وكانوا في عهده يؤذنون عند باب المسجد وبين يدي الإمام.
صفحة غير معروفة