طبقة العبيد الذين كان يحضرهم التجار الجنويون والبنادقة إلى الشام من جورجيا وروسيا وأرمينية، وكان هؤلاء على شر حالة، ولم يكن الصليبيون يسمحون ببيع الرقيق المسيحي إلى المسلم، والعكس بالعكس، وكان الأسرى من الجانبين، المسلمين والصليبيين، يعاملون معاملة الرقيق، إلا في حالات خاصة كأن يكون الأسير شريفا أو شخصية معروفة. (2)
طبقة التجار والزراع والموظفين، وقد كان هؤلاء موضع احترام الجانبين من مسلمين وصليبيين. (3)
طبقة الأشراف والنبلاء ورجال الكنيسة وهؤلاء كانوا يعيشون في ترف ويسر، ولهم إقطاعات وقد جمعوا ثروات ضخمة، وكانت لهم قصور فخمة لا تقل عن قصور أمراء المسلمين رونقا وفخامة.
3
ومن طرائف أخبار الصليبيين والمسلمين أنهم كثيرا ما كانوا يتناسون أحقادهم وتراثهم في الحروب ويجتمعون معا في الحفلات العامة من أعراس وولائم، وقد حفظ لنا أسامة بن منقذ الأديب الشاعر والكاتب المعاصر، وأحد فرسان المسلمين وأدبائهم في أيام الصليبيين في «كتاب الاعتبار» صورا رائعة من الصلات الاجتماعية بين الجانبين، كما يذكر الرحالة ابن جبير أنه حضر إحدى حفلات لزواج صليبي في صور، ووصفها لنا وصفا دقيقا، فقال: «إن الرجال والنساء قد اصطفوا صفين عند باب العروس وراحت الأبواق والمزامير وجميع الآلات اللهوية حتى خرجت العروس تتهادى بين رجلين يمسكانها من يمين وشمال، كأنهما من ذوي أرحامها، وهي في أبهى زي وأفخر لباس، تسحب أذيال الحرير المذهب سحبا على الهيئة المعهودة من لباسهم، وعلى رأسها عصابة من ذهب قد حفت بشبكة ذهب منسوجة، وعلى لبتها مثل ذلك منتظم، وهي رافلة في حليها وحللها تمشي فترا في فتر، وأمامها جلة رجالها من النصارى في أفخر ملابسهم، ووراءها أكفاؤها ونظراؤها من النصرانيات، يتهادين في أنفس الملابس، وقد تقدمهم المسلمون وسائر النصارى من النظار قد عادوا في طريقهم محاطين يتطلعون ولا ينكرون عليهم، فساروا حتى أدخلوها في دار بعلها.
4
وكان جمهور المسلمين يؤاخي الصليبيين وربما صلوا في بقعة واحدة كل يقوم بشعائره.
5
ويحدثنا أسامة بن منقذ: أنه وجد في بيت المقدس أيام أخذ النصارى إياه، أنهم بنوا في أحد أجزائه كنيسة لهم، وأن أسامة زارها، وكان المسجد الأقصى تحت حماية الداوية من الصليبيين، وكانت بين أسامة وبينهم مودة، فإذا زارهم أكرموه،
6
صفحة غير معروفة