ومهما يكن من شيء فإن السيدة آمنة وضعت طفلها صبيحة يوم الاثنين التاسع من ربيع الأول المصادف لليوم العشرين من نيسان (571)، فلما وضعته أمه أرسلت إلى جده أن قد ولدت لك غلاما فأته فانظر إليه، فأتاه ونظر إليه فأخذه ودخل به الكعبة، فقام يدعو الله ويشكره على ما أعطاه، ثم خرج به إلى أمه فدفعه إليها، وسماه محمدا، ثم استرضعه في بني سعد، وأعطاه لحليمة بنت أبي ذؤيب السعدية، فأحبته وعنيت به، وكانت تلاعبه وترقصه، ومن مأثور قولها فيه:
يارب إذ أعطيته فأبقه
وأعله إلى العلا وأرقه
وادحض أباطيل العدى بحقه
8
فلما مضت عليه سنتان جاءت به حليمة إلى أمه، فقالت لها: لو تركت ابني حتى يغلظ، فأنا أخشى عليه وباء مكة، ولم تزل بها حتى ردته معها، فرجعت به وبقي عندها إلى أن بلغ خمس سنوات وشهرا،
9
قال حليمة: وكان يشب شبابا لا يشبه الغلمان،
10
ولما بلغ ست سنين خرجت به أمه إلى أخواله بني عدي بن النجار بالمدينة تزورهم ومعه أم أيمن حاضنته، فنزلت به «دار التبابعة» فأقامت به عندهم شهرا ثم رجعت به، فلما كانت في طريقها إلى مكة هلكت بالأبواء، فكفله جده ورعاه، وهذبه أحسن تهذيب، ولما أحس بدنو أجله - وكان لمحمد ثماني أعوام - أوصى أبناءه به، وبخاصة أبا طالب، ومما قال في وصيته:
صفحة غير معروفة