الزواج والنكاح: كان للعرب طرق للازدواج «منها»: أن يخطب أحدهم الفتاة إلى وليها، فإن قبلوا به زوجوه على مهر مسمى، وهذا هو الطريق المتعارف، وهو الذي أقره الإسلام، و«منها»: أن يقول الرجل لامرأته إذا طهرت من حيضها: اذهبي إلى الشريف فلان واستبضعي منه، فتذهب إليه ولا يقربها زوجها حتى يتبين أنها حملت، وإنما يفعل ذلك رغبة في نجابة الولد، و«منها»: أن يجتمع الرهط دون العشرة فيدخلون على المرأة، فإذا حملت ووضعت سمت من أحبت أن تلحق ولدها به وتصبح له زوجا، و«منها»: أن يأتي الرجال بعض ذوات الرايات - وهن البغايا - فإذا ولدت ذهبت إلى القائف فألحق ولدها بالذي يراه شبيها بأبيه، و«منها»: أن يتبادل الرجلان زوجتيهما، فيتنازل الواحد للثاني وتصبح زوجته، و«منها»: أن يزوج الرجل ابنته أو أخته على أن يزوج أخته أو ابنته مقابل ذلك بلا مهر، وهو المسمى: نكاح الشغار ،
32
و«منها» نكاح المتعة؛ وهو زواج مؤجل ... وقد حرم الإسلام هذه الأنكحة كلها، واعتبرها من الفواحش، وكان العرب في الجاهلية يحرمون نكاح الأمهات والبنات والخالات والعمات، وقد كانت للجاهليين أحوال في زواجهم «فمن ذلك»: التماس الأبكار والشواب والأصيلات والجميلات، و«البعد» عن زواج الأقارب الشديدات القرابة:
فمن لم تلده بنت عم قريبة
فيضوى وقد يضوى رذيل الأقارب (2)
الطلاق والفراق: كانت عقدة الزواج بيد الرجل، يمسك المرأة إن شاء ويسرحها متى شاء، وكان بعض الأزواج يتخذون ذلك وسيلة إلى ابتزاز الأموال من النساء والتنازل عن حقوقهم المفروضة، كما كان منهم من «يظاهر» زوجته فيقول لها: أنت علي كظهر أمي؛ فتحرم عليه مجامعتها ولكنها لا تطلق، ويظهر أنهم كانوا يفعلون ذلك إذا ولدت المرأة بنتا، وأنهم لا يريدون أن تتزوج المرأة بعدهم برجل آخر، ومنهم من كان «يهجر» زوجته إذا ما أتت بعمل لا يرضيه، وكان من عادة عقلاء العرب وحكمائهم في الطلاق أن يجعلوه ثلاثا متفرقات، ويقولون إن إسماعيل - عليه السلام - هو أول من فعل ذلك، ومن عاداتهم في ذلك «الخلع»؛ وهو فراق الزوجة على مال يأخذونه منها، وقد أقره الإسلام؛ لأنه من نوع من الشرط، ومن عاداتهم «الإيلاء»؛ وهو الحلف على ترك قربانها مدة، قال ابن عباس: كان إيلاء الجاهلية السنة والسنتين، فوقت الله لهم أربعة أشهر فمن كان إيلاؤه أقل من أربعة أشهر فليس بإيلاء،
33
وكانت النساء في الجاهلية تعتد من الطلاق والموت، وكن يبالغن في احترام حق الزوج القديم، وكانت المرأة إذا مات زوجها تربصت سنة بشر ثيابها وحفش بيتها ولم تمس طيبا ولا ماء ولا تقلم ظفرا ولا تزيل شعرا، وقد جعل الإسلام العدة أربعة أشهر وعشرا، ومن العادات الذميمة التي كان العرب في الجاهلية يفعلونها وحرمها الإسلام؛ أنهم كانوا إذا قرب موعد عدة الطلاق «راجعوهن» لا عن حاجة ولا لمحبة؛ بل لقصد تطويل مدة العدة، وتوسيع مدة الانتظار؛ إضرارا بهن، وكان أحدهم يطلق أو يتزوج ثم يقول: عدلت عن هذا، أو إني كنت أمزح أو ألعب ، فحرم الإسلام ذلك، وفي الحديث النبوي: «ثلاث جدهن جد وهزلهن جد: النكاح والطلاق والرجعة.» ومن عادات أشرافهم أنهم كانوا يمنعون مطلقاتهم أن تتزوجن بعدهم من آخر، وقد حرم الإسلام هذا الأمر إلا لنساء النبي
صلى الله عليه وسلم . (3)
البنوة: كان العرب في الجاهلية يرعون حق البنوة؛ لأنه حق طبيعي بشري، قال قائلهم: وإنما أولادنا بيننا أكبادنا تمشي على الأرض، ولكنهم كانوا يفضلون في الغالب الذكور على البنات، كما كان منهم من يقتلون أولادهم ويئدون بناتهم خوف الفقر والعار، قال تعالى:
صفحة غير معروفة