ومهما يكن من أمر، فإن المنظمات - سواء أكانت جهرية أم سرية - أخذت تنشط في مطلع العقد الثاني من القرن العشرين، وتعمل بحزم للتخلص من النير التركي، حتى كان إعلان الثورة العربية الكبرى.
الباب الثاني
الفصل الأول
الثورة العربية وآثارها في العالم العربي
كان من نتائج المعاملات الظالمة التي عامل بها رجال الدولة التركية سكان الولايات العربية، من تتريكهم وتقتيل أبنائهم
1
وتهجيرهم إلى بلاد الأناضول، وتجويعهم وإفقارهم؛ أن عزم الأحرار الاستقلاليون على إعلان الثورة العربية على الدولة التركية، وكان لنفر منهم اتصال وثيق بفيصل بن الحسين بن علي الهاشمي، فقد عرفوه زميلا وفيا ومواطنا صالحا، وعضوا فعالا في «جمعية العربية الفتاة»، فشاوروه في الأمر، وتم الاتفاق على إعلان الثورة بعد أن طلبوا إليه أن يتصل بوالده الحسين بن علي شريف مكة وأمير الحجاز.
اتصل الشريف حسين ببعض قادة الأحرار الاستقلاليين وتعرف إلى حقيقة نواياهم، فقال لولديه عبد الله وفيصل أن لا مانع من أن يتصلا بالمستر ستورس السكرتير العام لشئون الشرق الأوسط لدى الحكومة البريطانية في القاهرة الذي كان قد كتب إلى أحدهما، وهو عبد الله، يخبره أن الحكومة البريطانية مستعدة لمساعدة الشريف حسين، على أن يثور على الدولة العثمانية.
وأخذ الحسين وأولاده يفكرون في الوضع الدقيق الذي أصبحت البلاد العربية فيه، بعد أن انحازت تركية إلى جانب ألمانيا في محاربة الحلفاء، فمن جهة رأوا حكومة تركية مشبعة بعداء العرب، ومصممة على البطش بهم، وعلى تتريك الشام والعراق، وعلى استرداد نفوذها في الحجاز واليمن، وقد تعاقدت مع أقوى دولة برية في العالم، ومن جهة ثانية رأوا دولا متحالفات مسيطرات على البحار وقادرات على تجويع الحجاز وعلى منع الحجاج من دخول الديار المقدسة، دع مطامع إحداها في العراق، ومطامع الثانية في الشام. هال هذا الوضع الحرج الحسين، ولبث بضعة أشهر يقلب الرأي فيه ويتتبع حوادث الحرب وفظائع جمال باشا في الشام، ويقاوم خطط والي الحجاز التركي المسمى وهيب باشا، وكان من شرار الاتحاديين المتعصبين على العرب . ثم في أيلول سنة 1915م وجه ابنه فيصلا إلى الشام وفروق «أسطنبول» في مهمتين:
الأولى:
صفحة غير معروفة