قلم ترجمة المواد الاجتماعية أو «الأدبيات»؛ كالتاريخ والجغرافيا والمنطق والأدب والقصص والقوانين والفلسفة إلخ، ورئيسه الملازم أول خليفة محمود أفندي أحد مدرسي مدرسة الألسن وخريجيها، وألحق به ملازم ثان وثلاثة من تلاميذ المدرسة. (4)
قلم الترجمة التركية، ويشرف عليه «ميناس أفندي» المترجم بديوان المدارس، وتحت إمرته أربعة من تلاميذ المدرسة.
ثم ألحق بهذه الأقسام عدد من المبيضين لتبييض الكتب بعد ترجمتها، وإرسالها إلى ديوان المدارس للاطلاع عليها، فكان يشير بطبع النافع القيم منها. (1-5) مصير هذه المؤسسة
عاشت مدرسة الألسن نحو الخمسة عشر عاما بدأت فيها تسيطر على شئون الثقافة العامة في مصر، وأنتجت في إبانها الإنتاج العلمي الوفير، فلما ولي العرش عباس الأول - ولم يكن على انسجام مع رجال جده وعمه وخاصة رفاعة - أخذ يسعى سعيه للقضاء على هذه المدرسة؛ فبدأ بإلغاء قسم الفقه بالمدرسة، ثم ثنى بتصفية تلاميذ المدرسة وفصل عدد كبير منهم، «وفي الشهر الأخير من عام 1265/أكتوبر 1849، صدر الأمر بنقل مدرسة الألسن إلى مكان مدرسة المبتديان بالناصرية، وبذلك حرمت المدرسة من مكانها، وضاق بها مكانها الجديد حتى اضطروا إلى نقل الكتبخانة الأفرنكية والأنتيكات إلى المهندسخانة ببولاق، ولم تمض أيام على ذلك حتى ألغيت مدرسة الألسن في المحرم سنة 1266/نوفمبر سنة 1849، وضم تلامذتها إلى التجهيزية قبل إلغائها،
14
وفي أواخر سنة 1266 سافر رفاعة إلى الخرطوم ليكون ناظرا ومدرسا لمدرسة الخرطوم الابتدائية.
أما قلم الترجمة فقد خضع لتجربة جديدة في الشهور القليلة التي ولي فيها إبراهيم باشا، وصدر الأمر بتقسيمه تقسيما جديدا إلى قلمين: قلم للترجمة التركية ويشرف عليه كاني بك، وقلم للترجمة العربية ويشرف عليه رفاعة بك، وجعلت الرئاسة العليا لكاني بك ؛ فقد نشرت الوقائع المصرية في العدد 127 الصادر في 26 ذي القعدة سنة 1264: «لما كانت ترجمة الكتب المرغوبة التي تشتمل على القوانين والتراتيب والآداب وسائر العلوم والفنون النافعة من اللغة الفرنساوية إلى التركية والعربية، وطبعها ونشرها؛ وسيلة عظمى لتكثير المعلومات المقتضية، وقضية مسلمة عند أولي النهى، وكان حصول ذلك لا يتأتى إلا بوجود المترجمين البارعين في ألسنة الإفرنجي والتركي والعربي، واجتماعهم في محل واحد، وقسمهم إلى قلمي ترجمة، وضمهم إلى نظارة حضرة أمير اللواء كاني بك وكيل ديوان التفتيش الفريد في فن الترجمة، المشهور بالسلاسة والبلاغة حصل فتح القلمين كما ذكر، وقد تعين حضرة رفاعة بك أمير الآلاي الذي كان ناظر مدرسة الألسن التابعة إلى ديوان المدارس؛ ناظرا على قلم الترجمة العربي في معية حضرة المومى إليه.»
يقول الدكتور عزت عبد الكريم «على أن إلغاء مدرسة الألسن في نوفمبر سنة 1849 لا شك قد أثر أثرا بليغا في قلم الترجمة ورجاله؛ فقد حرمه الدعامة القوية التي كان يرتكن عليها في عمله الفني، وحرم المصدر الذي كان قائما على تغذيته بالمترجمين كما حرم ناظره رفاعة بك المكانة السامية التي كانت له في دوائر التعليم، وبعد أشهر رحل رفاعة إلى السودان، ولم يستطع القلم أن يحيا بعد فقد مؤسسه ومديره فتشتت رجاله ...»
14
الفصل الثاني
صفحة غير معروفة