تولى محمد علي عرش مصر والعلم فيها قد انزوى في أروقة الأزهر، وصحون بعض المساجد، وقاعات المكاتب في المراكز والقرى، وكان لعلماء الأزهر - كما يقول رفاعة - «اليد البيضاء في إتقان الأحكام الشرعية، العملية والاعتقادية، وما يجب من العلوم الآلية كعلوم العربية الاثني عشر، وكالمنطق، والوضع، وآداب البحث، والمقولات، وعلم الأصول المعتبر ...»
3
وكان الأزهر كما يقول: «جنة علم دانية الثمار، وروضة فهم يانعة الأزهار»،
4
وإن كان أستاذه الشيخ العطار قد فقد ثقته بهذه العلوم، مذ بهرته علوم الفرنسيين، وراح يطلب غيرها لنفسه، ويقرأ لتلاميذه كتبا غير كتب الأزهر، وعلوما غير علوم الأزهر، وكان يقول: «إن بلادنا لا بد أن تتغير أحوالها، ويتجدد بها من المعارف ما ليس فيها.»
5
وآمن محمد علي بهذا الرأي، وبدأ يعد العدة لإنشاء المدارس الجديدة، ولكنه تخير تلاميذها ومعلميها من المعهد القديم - الأزهر - واحتفظ لمدارسه الجديدة بالطابع الإسلامي الشرقي، فكان في نظر أهل عصره من المصريين «مجددا لدروس العلم بعد اندراسها، آتيا في ذلك بما لم تستطعه الأوائل»،
6
كما كان يلقبه الأوروبيون «بمعيد تمدن الإسلام، ومبيد تمكن الأوهام».
7
صفحة غير معروفة