* الباب الأول
* فى ترجمة كلام ابن المقفع
لقد قرأت أن اسمه" كان عبد الله" وأباه اسمه" داذبه» ، وكان من بين كبار كتاب وعمال" فارس" وكان على مذهب عبدة النار ، وتصادف أن أحد الخلفاء ولى أباه على عمل ، فسعى الوشاة عليه فسجنه الخليفة ، وأنزل به أنواع العقوبات حتى تقفعت يداه ، فغلب على اسمه المقفع و" عبد الله بن المقفع" أسلم على يد" عيسى بن على" ، وقيل إن سبب إسلامه أنه ذات يوم كان يمر أمام كتاب وكان غلام يقرأ بصوت مرتفع قوله تعالى ( ألم نجعل الأرض مهادا* والجبال أوتادا ) (1) فوقف حتى أتم الغلام السورة ، وقال : الحق إن هذا ليس كلام مخلوق ، وجاء الخبر إلى «عيسى بن على» واستدعاه فأقر وأسلم ، وقال البعض : إنه لم يسلم على يد أحد قط ، وكان لبالغ فضله وبلاغته رفيع الدرجات مقبول الشهادة فى بلاط الخلفاء والملوك ، ويروى أنه وقعت بينه وبين" الخليل بن أحمد الفراهيدى" مودة وصداقة فلم يكن لهما ثالث قط حتى سأله أحد أكابر العلماء ماذا ترى فى حقهما؟ قال : العقل راجح على العلم عند الخليل ، والعلم زايد على العقل عند ابن المقفع ويقال : إن أمره علم به الخليفة فى النهاية وأنه ذات يوم كان يمر ببيت نار المجوس وقال فى حقه هذا البيت :
يا بيت عاتكة الذى أتغزل
حذر العدى وبه الفؤاد موكل (2)
(عبد الله بن المقفع ، «كليلة ودمنة» ، تحقيق محمد حسن نائل المرصفى ، ط الخامسة القاهرة 1934 ، ص 52 ، 53) المترجم.
صفحة ٢٧