وملوك الفرس على تطاول أيام ملكهم مع اجتماع كلمتهم، كان يلزم طبقاتهم الأربع أربعة أسماء: الفيشدادية والكيانية والاشغانية والساسانية، وتواريخهم كلها مدخولة غير صحيحة، لأنها نقلت بعد ماية وخمسين سنة من لسان إلى لسان، ومن خط متشابه رقوم الإعداد إلى خط متشابه رقوم العقود، فلم يكن لي في حكاية ما يقتضي هذا الباب ملجأ الا إلى جمع النسخ المختلفة النقل، فاتفق لي ثماني نسخ وهي: كتاب سير ملوك الفرس من نقل ابن المقفع، وكتاب سير ملوك الفرس من نقل محمد بن الجهم البرمكي، وكتاب تاريخ ملوك الفرس المستخرج من خزانة المأمون، وكتاب سير ملوك الفرس من نقل زادويه بن شاهويه الأصبهاني، وكتاب سير ملوك الفرس من نقل أو جمع محمد بن بهرام بن مطيار الأصبهاني وكتاب تاريخ ملوك بني ساسان من نقل أو جمع هشام بن قاسم الأصبهاني، وكتاب تاريخ ملوك بني ساسان من اصلاح بهرام بن مروان شاه مؤبد كورة سابور من بلاد فارس. فلما اجتمعت هذه النسخ ضربت بعضها ببعض حتى استوفيت منها حق هذا الباب.
وقال أبو معشر المنجم: التواريخ أكثرها مدخول فاسد، والفساد إنما يعتريها من أجل أن يأتي على سني أمة من الأمم من الأزمنة وتطول أيامه، فإذا نقلوه من كتاب إلى كتاب أو من لسان إلى لسان، وقع فيه الغلط بالزيادة فيه أو النقصان منه، كالغلط الذي وقع لأهل ملة اليهود في السنين التي بين آدم ونوح وبين غيرهما، ممن اقتصوه في التاريخ من الأنبياء والأمم، فانهم مختلفون فيها. وكثير من أهل- نواحي الأرض يخالفونهم في ذلك أيضا، وكذلك سنو ملوك الفرس وتاريخهم مع اتصال أيام ملكهم من أول الدهر إلى أن زال ملكهم، قد بان فيها تخليط كثير وفساد. بين ذلك، أنهم يزعمون أن الأرض مكثت سنين كثيرة مرة بعد مرة، وليس لها ملك منهم ولا من غيرهم.
فأما المرة الأولى فزعموا أن الأرض مكثت بعد وفاة كيومرث، والد البشر، مائة ونيفا وسبعين سنة، وليس لها ملك حتى ملكها هوشنك فيشداد. وأما المرة الثانية فبعد ما رجع افراسياب التركي إلى أرض الترك في مرنه الأخرى، وكان قد ملك الأرض اثنتي عشرة سنة، بقي فيها أرض الأريان بلا ملك عدة سنين لا يدري كم هي.
صفحة ١٠