وفي سنة ثلاث وعشرين وثلاثماية في آخرها وأول سنة أربع وعشرين شملت المجاعة للناس وتفاقم الأمر فيها، وإقترن بها الموت الذريع فمات من أهل مدينتي أصبهان أكثر من مايتي ألف إنسان. إستقصيت وصف أحداث تلك السنة في كتاب أصفهان وإقتصرت ها هنا على اليسير من وصفها. وفي سنة ثلاثين وثلاثماية سقطت ثلجة في اليوم العشرين من ماء أبان، ولم يعهد الناس في هذا الشهر قط بأصبهان سقوط الثلج.
سنة إثنتين وثلاثين وثلاثماية أصبح الناس يوم النوروز على الثلجة إضطروا إلى كسحها ولم يعهد الناس في زمان الربيع مثل ذلك، ثم أعقب تلك الثلجة برد مفرط، فأصبح الناس اليوم من النوروز وقد أتى الضر على الأشجار، وشمل ذلك الضر عامة بلدان المشرق حتى عبر الناس بلا فاكهة.
سنة ثلاث وثلاثين وثلاثماية إشتدت المجاعة ببغداد وتفاقمت، فتشرد أهلها وتماوتوا لأن الرجال تفرقوا في البلدان وحصل النساء في البيوت؛ وكانت المخدرات من الأبكار يخرجن إلى الطرق عشرين عشرين معتمدات بعضهن ويصحن: الجوع! الجوع! فإذا سقطت واحدة خررن كلهن لوجوههن ميتات. وكان ببغداد رجل شوشي مكثر يقال له يحيى بن زكريا، فجمع في داره ألف بكر وأطعمهن طول أيام المجاعة، ثم زوجهن كلهن وجهزهن.
صفحة ١٤٩